ترامب ... وجحيم الشرق الأوسط
يوم أمس
الإثنين الموافق 2 ديسمبر نشر الرئيس المنتخب دونالد ترامب على صفحته على منصة
تروث سوشيال المملوكه له تصريحات لافته خرجت عن المألوف في التعبيرات السياسيه
للرؤساء بخصوص قضية الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة ، وهذا نصها :ـ " يتحدث
الجميع عن الرهائن المحتجزين بعنف شديد وبطريقه غير إنسانية وضد إرادة العالم أجمع
في الشرق الأوسط لكن كل هذا مجرد كلام ولا يوجد عمل ، إذا لم يتم إطلاق سراح
الرهائن قبل 20 يناير 2025 وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي كرئيس للولايات
المتحده فسيكون هناك جحيما في الشرق الأوسط ثمنه الباهظ أولئك المسؤولين الذين
إرتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية ، سيتعرض المسؤولين عن ذلك لضربة أقوى من أي
ضربة تعرض لها أي شخص في التاريخ الطويل والحافل للولايات المتحدة الأمريكية ،
أطلقوا سراح الرهائن الآن "
ما نشره دونالد
ترامب يأتي بعد يوم واحد لفيدو مصور بثته كتائب القسام على قناة الجزيرة للرهينة
المحتجز في غزة مزدوج الجنسيه الإسرائيلية والأمريكيه عيدان الكسندر والبالغ من
العمر 21 سنة والذي تحدث فيه باللغتين العبرية والإنجليزيه " أسمي عيدان الكساندر ، أنا أسير في أسر
حماس أكثر من 420 يوما ، الى رئيس الوزراء بنيامين نتياهو سمعتك تتحدث لشعب
إسرائيل في الأخبار وأنا محبط جدا ، سمعت أنك ستعطي خمسة ملايين دولار لمن يعيدنا
أحياء . رئيس الوزراء من المفترض أن يحمي مواطنيه وأنت أهملتنا ، حراسنا أبلغونا
بالتعليمات الجديده في حال وصول قوات الجيش الينا ، الخوف في ذروته ونحن نموت الف
مرة في كل يوم يمر علينا ولا أحد يشعر بنا . شعب اسرائيل لا تهملونا ، نحن نريد أن
نعود بعقل كامل الى البيت ، الخوف والعزلة تقتلنا من فضللكم لا تنسونا ، غير معقول
أن ندفع ثمن خطأ إقترفته الحكومة من فضلكم يا شعب إسرائيل أخرجوا للتظاهر كل يوم
وإضغطوا على الحكومة ، حان الوقت لوضع حد لهذا الكابوس ... الى الرئيس ترامب إسمي
عيدان الكسندر ، أنا مواطن أمريكي إسرائيلي محتجز حاليا في قطاع غزة ، بصفتي
أمريكيا كنت أؤمن دائما بقوة الولايات المتحدة والآن أرسل اليكم ، يرجى إستخدام
نفوذكم كرئيس للولايات المتحده وبكل الطرق للتفاوض من أجل حريتنا ، كل يوم نقضيه
هنا يبدو وكأنه للأبد والألم في داخلنا ينمو يوما بعد يوم ، يرجى عدم تكرار الخطأ
الذي إرتكبه بايدن ، الأسلحة التي أرسلها تقتلنا نحن الآن والحصار الغير قانوني
الذي فرضه يقتلنا نحن الآن ، لا أريد أن أنتهي ميتا مثل مواطني الأمريكي هيرش ....
أمي أبي ميكاجوي جدي جدتي كل يوم يمر الوجع يزداد داخلي أنا مشتاق لكم جدا كل يوم
أنا أصلي كي أراكم قريبا ، من فضلكم كونوا أقوياء ، هذه مسألة وقت حتى ينتهي
الكابوس ."
لم تكتفي
حركة حماس ببث هذا الشريط المصور للرهينه حيث أعلنت يوم أمس خبر نقلته كافة وسائل
الإعلام مفاده "إن العمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية في قطاع غزة قد تسببت بمقتل
33 رهينه في غزة وأن عدد آخر قد فقدت آثارهم ليضفي مزيدا من الشحن بهذا الملف
الحساس والحيوي لجميع أطراف الصراع ، ناهيك عما صرح به جيك سوليفان مستشار الأمن
القومي في إدارة الرئيس بايدن بهذا الصدد لشبكة أن بي سي " إن البيت الأبيض
يعمل على التوصل الى إتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن لكنهم لم يصلوا
لذلك بعد واضاف نبذل جهودا حثيثه لتحقيق ذلك ، أننا منخرطون بشكل كبير مع الفاعلين
الرئيسيين في المنطقة وهناك عمل يبذل حتى اليوم ، ستكون هناك محادثات ومشاورات
أخرى ، ونأمل أن نتمكن من التوصل الى إتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن
، لكننا لم نصل الى ذلك بعد "
مما لا شك فيه بإن مجمل ما نقلته وسائل الإعلام
يعطي صورة واضحه تماما بإن هذا الملف يأخذ زخما غير مسبوق وذلك لعدة أسباب نوجزها
بما هو آت :ـ
·
إقتراب نقل السلطه من إدارة بايدن الى إدارة ترامب ورغبة
إدارة بايدن بتسليم مقاليد السلطه وقد أنجزت الملفات الساخنة في منطقة الشرق
الأوسط وبعد أن أنجزت الى حد ما وقف إطلاق النار في لبنان فهي ساعية بكل قوة الى
إنجاز وقف لإطلاق النار مماثل في غزة .
·
لم يبقى لحركة حماس التي تتهاوى على وقع الضربات
العسكرية سوى ملف الرهائن لبقاءها على قيد الحياة ، وهي راغبة بشدة بالوصول الى
صفقة تبادل للأسرى لحفظ بعضا من ماء الوجه وهي تعلم يقينا بإن القادم للبيت الأبيض
(دونالد ترامب) لن يبادلها نفس المراوغة والصبر بل يتبنى بشكل كامل رواية بنيامين
نتياهو ومستعد للذهاب معه لأبعد مدى في رغباته .
·
بات من المؤكد بإن بنيامين نتياهو قد وضع ثلاثة لاءات
كبيره على تنفيذ أي صفقة للرهائن وهما لا للإنسحاب الكامل من قطاع غزة ، لا
لوقف الحرب بشكل تام ، لا لإعطاء أي صورة إنتصار لحماس وقد بات مفهوم ضمنا أنه
أيضا راغب بإعطاء اي إتفاق يتم إنجازه كهدية لدونالد ترامب وليس لجو بايدن وتحت
هذا السقف إنخرط بنيامين نتياهو بهذا الحراك لشعوره بحاجة حماس الملحه لهذا
الإتفاق وأنها مستعده لتقديم بعض التنازلات لصالح لاءاته ، لم تكن جاهزة لتقديمها
سابقا وبخاصة بعد خروج حزب الله من دائرة
الإسناد ، وفي نفس الوقت يعلم بحاجة جو بايدن لمثل هذا الإتفاق وأن لا يوجد لديه
ما يمنع لمشاركة دونالد ترامب به وقد صدر عن دونالد ترامب ما يؤكد ضرورة تنفيذ هذا
الإتفاق قبل توليه مقاليد السلطه .
الرسائل
التي حاولت حماس إيصالها من خلال شريط الفيديو المصور الذي بثته :ـ
·
أنها لا زالت قادرة على الإحتفاظ بأسرى أحياء وأن كل ما
يقوم به الجيش الإسرائيلي لم يأتي أكله بل أنها قادرة على ممارسة الحرب النفسية ضد
بنيامين نتياهو وحكومته بإستخدام أكثر نقاط الضعف لديه وتأليب الرأي العام ضد
سياساته وتحريك ذوي الأسرى للتظاهر في الشارع .
·
رسالة تحذير واضحه لبنيامين نتياهو بإن محاولته لشراء
حرية لرهائن بالمال وأنه لن يكون لها نصيبا من النجاح بل ستأتي بمردود عكسي سيكون
ثمنها حياة الرهائن .
·
رسالة واضحه لدونالد ترامب باللغة التي يفهما " قوة
أمريكا وعظمتها "وإستغلال قوته الشخصيه لصالح تقدم التفاوض بهذا الملف واللعب
على التناقضات بين الإدارتين لعلها تفيد بالضغط للمضي قدما بهذا الملف .
·
رسالة أخرى واضحه لدونالد ترامب بإن سياسة الدعم الغير
مشروط بالسلاح والقوة التي مارسها جو بايدن لم تأتي أكلها وأن عليه أن لا يخطأ
بممارسة نفس السياسات التي ثبت فشلها سابقا .
الرسائل
التي حاول دونالد ترامب إيصالها برسالته ردا على الشريط المصور الذي بثته حماس :ـ
·
إن كل السياسات التي إتبعتها إدارة جو بايدن لن تكون
مقبولة لدية فهو يسمع حديثا كثيرا ولم يرى أية نتائج لكل هذا الحديث على الأرض ولن
يكون لديه ذات الصبر في معالجته .
·
ردا واضحا وجازما لحماس بإن الجحيم سيكون بإنتظارهم إن
لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تسلمه مقاليد السلطه في 20 يناير وأن قوة وعظمة
أمريكا التي ضمّنتها حماس للفيديو الذي نشرته سيرونها على الأرض ولكن ضدها بكل
تأكيد .
·
رسالة غير مباشرة لكل داعمي حماس في الشرق الأوسط بإن
منطق القوة سيكون هو السائد فقوة أمريكا التي مارسها جو بايدن والتي لم تثمر عن
نتائج سيكون بديلها هو مزيد من القوة .
كيف سيتلقى
اللاعبين الأساسيين في الصراع هذه الرسائل المتبادله :ـ
·
كان أول من عبر عن رسالة دونالد ترامب هو بنيامين نتياهو
والذي أشاد بقوة رد دونالد ترامب على الفيديو المصور الذي نشرته حركة حماس وهو
إنعكاس واضح لتطابق الرؤى بينه وبين دونالد ترامب .
·
لم تصدر حماس بيانا رسميا بخصوص أقوال دونالد ترامب ولكن
ما تداولت به العديد من مواقع التواصل الإجتماعي المقربة من حماس فقد تراوحت بين
التقليل من أهمية هذه التصريحات لأنها صادره عن شخص لطالما أطلق التهديدات بلا أي رصيد
لها وبين أن ما فعله الإسرائيليين بواسطة كل الدعم الأمريكي في غزة لن يكون بمقدور دونالد
ترامب أن يفعل أكثر من ذلك .
·
لم ترد إدارة بايدن مباشرة على أقوال دونالد ترامب
ولكنها ضمنا أكدت بإن جهودها في هذا السياق متواصلة ومكثفه وعبرت عن أملها بالتوصل
الى إتفاق وهو الذي لم يحدث حتى الآن .
خلاصة
القول :ـ
لقد أخطأت
حماس مجددا حينما أقحمت نفسها وشعبها بلعبة التناقضات الداخلية في الولايات
المتحده وفي أحدث القراءات الخاطئة لردود دونالد ترامب ، وتخطئ بشكل أكبر ومتكرر
بإستغلال قضية الرهائن بإعتبارها قضية إنسانية ، في حروبها النفسية والتي لم تقدم
لهذا الملف الا مزيدا من الويلات لأهل قطاع غزة ومزيدا من التوحش لآلة الحرب
الإسرائيلية .
تعليقات
إرسال تعليق