القائمة الرئيسية

الصفحات

 




البُهْلُول

كلمة البُهْلُول بضم الباء من الأضداد ، لأنهما تحمل معنيين متضادين كما في معاجم اللغة العربية ، فقد كانت تعني قديما السيد العظيم ، ثم باتت تعني الأبله الذي تسخر الناس منه ، جاء في معجم المعاني الجامع ، البُهْلُول هو السيد الجامع لصفات الخير ، المرح ،الضحاك ، ومعتوه أحمق ، مجنون ، والعامة تقول بَهْلُول بفتح الباء ، والصواب بُهْلُول بضم الباء ولا شك أن سياق الكلام سيوضح المراد عند إستعمالها .

 بعد طول إنتظار وترقب يطل علينا بهلول القرن الحادي والعشرون ، دونالد ترامب (لا يهم بضم الباء أو فتحها بقواميس لغة العرب ، فإن في بعض الفنون جنون ، فالتهريج على مسرح الشو في السياسة الأمريكية ، باتت حرفة ) ملقيا بقنبلة نواياه كرئيس للولايات المتحده للسيطرة على قطاع غزة بعد تفريغه من أهله الأصليين وبلا إستيطان يهودي فيه ، لم يقل كثيرا عن قاطنيه الجدد ، ولك أن تسرح بخيالك الى ما قصده البهلول ، هل سيعيد جزءا من سكانه بعد الفرز ، هل قصد رجال الأعمال والمستثمرين في حقول الغاز ، أم مقدمي الخدمات للقناة الواصله بين شواطئ غزة على المتوسط وإيلات على البحر الأحمر والمزمع ٌاقامتها ، أم مرتادي نوادي القمار وشواطئ العراة على شاكلة شواطئ بالم بيتش ومنتجعه مار ايه لاغو على شواطئ فلوريدا .

لم يجد العالم مع فروق التوقيت بين شرق وغرب المحيط الأطلسي سياقا للتعامل مع التصريحات التي أطلقها البهلول بعد منتصف الليل بساعات بتوقيت القدس وبعد ساعات من منتصف النهار بتوقيت واشنطن ، هل يضحك وفق منطق شر البلية ما يضكك ، أم يبكي لفرط وهول ما يسمعه ويشاهده  ، بهلول العصر الجديد حتى من كان يشاركه المؤتمر الصحفي ويقف الى جانبه والذي خرج من إجتماعه معه للتو ، فهو لا يصدقه ليكتفي بالقول بأنها أفكار مثيره للإهتمام ، وفي قرارة نفسه يقول له كفاك حماقة ، صحيح أنك منحتني دعما سياسيا لم أكن أحلم به قط ، ولكن لا تثير سخرية الناس أكثر من ذلك ، فلا أحد من الممكن أن يصدق كلمة واحدة من كل ما تقوله .

من شدة فرح جموع البهاليل في إسرائيل ، فقد إعتبروه المخلص الجديد الذي أرسله الرب لنصرتهم ، وان هذه الأفكار فقد كانت بمثابة الهدية الكبرى للشعب اليهودي ، أفكار مثيرة وحلم كبير لا يودون أن يصحو منه على كابوس جديد ، يودون لو يطلعون على أدق التفاصيل وكيف السبيل للتنفيذ ، سيوقظهم بنيامين نتياهو بعد عودته من واشنطن دي سي ، بإن كل ما جرى ما هو الا مسرحية جميلة ، مخصصه لإبتزاز العرب والمسلمين ، وإهانتهم وتبويخهم بشدة على عدم قدرتهم على رد الجميل ، الذي توقعه منهم بمجرد أن إتصل بهم  .

كما في حلم غرينلاد وخليج بنما والمكسيك وكندا الولاية الواحد والخمسين ، للتمخض كل هذه الجلبة والضجيج ، عن تسويات وتعزيزات شرطية على الحدود مع تلك البلدان في أحسن الأحوال ، ففي بلد تهوى المسرحيات والأفلام الهولودية ، لا سبيل للبقاء السياسي سوى بإستخدام الفنتازيا والدراما والإثارة ، فالحقائق والتاريخ والمبادئ هي درب من الخيال ، لا تناسب العصر بأي حال من الأحوال ، فالعالم الإفتراضي المحبوك والمسكوب لعقول البهاليل لا يناسبه سوى هذه الشطحات وقنابل الإثارة لغايات إحداث الضجيج والإبتزاز .

يمضي البهلول قدما مسرعا الخطى نحو صناعة الأحلام والأوهام ، فيتبعه مساعديه ليداروا عثراته وسقطاته ، فيختلقوا أقوالا لم تكن موجوده منذ ساعات ، مصداقا لقوله بإنه لا يعرف إن كان إتفاق وقف النار سيصمد أم لا فبدلا من أن يقولوا بإن بنيامين نتياهو أبلغهم بإنهم لن يمضي قدما بوقف إطلاق النار ، فيقال بإن إتفاق وقف إطلاق النار غير جيد وهو بحاجة الى تعديلات ، فلماذا كان مقبولا حين تمت الموافقه عليه أما الآن فقد بات غير صالح للعمل به ، أم هو صالح فقط الى الحد الذي يتم فيه إطلاق سراح الرهائن وبعد ذلك فلا يمكن شراؤه بدولار واحد ، لأن بعد ذلك يعني فيما يعنيه إعادة الإعمار لغزة بما تتطلبه من فتح للمعابر وإدخال لمواد البناء ووقف الإبتزاز بقضايا الإعمار .

لا ندري كم وضع من تسعيرة من ترليونات العرب لتفكيك قنبلته البلاستيكيه ، ولا ندري من هم المعجبين بفكرته التي ينتحل صفاتهم ، لا ندري من هو على إستعداد للمشاركة بفكرته التي يتحدث بإسمهم ، لم نسمع بالعالم سوى التنديد بهذه الفكرة سوى من مؤيديه في الولايات المتحدة ، حتى العاملين معه باتوا مضطرين لإختلاق بعض المحددات لما قاله البهلول في خطته التي لا يوجد لها أصل سوى في خياله ، لا ندري إن كان البهلول لا زال بحاجة لأخذ رأي من يريد توطينهم بعيدا .

سيعود بنيامين نتياهو الى إسرائيل بخفي حنين حاملا صورة معنونه بتوقيع البهلول ، تشيد بعظمة قيادته على غرار الكثير من الشيكات التي لا رصيد لها في لغة الواقع ، قد تحمي حكومته من الإنهيار ، وقد يعيد بن غفير لبيت الطاعة ، وتستمر الحرب لتحقيق أهدافها التي ليس لها أية نهايات مضمونه ، يعود بأسئلة أكثر مما يعود بإجابات ، فماذا عن المرحلة الثانية من إتفاق وقف إطلاق النار ، وماذا عن اليوم التالي للحرب ، فقطعا لن تكون الإجابة عليها مما القاه البهلول في وجه العالم.            

 

تعليقات