حرب الأساطير
إنها الساعة السادسة صباحاً من يوم السابع من
أكتوبر للعام 2023 بتوقيت الجحيم الزاحف على منطقة الشرق الأوسط إيذاناً بتدشين
فصل جديد من فصول حرب الأساطير ، في حضرة الدماء النازفة غزيراً منذ صبيحة هذا
اليوم والمتدحرجة بلا توقف حتى الآن وفي ذكرى عام أول قد إنقضى والذي تفتق عن أقبح
ما في البشر بكل ما فيه من مشاهد وتفاصيل ويوميات يندى لها جبين البشرية وما زالت
ملئ السمع والبصر، غاص المتصارعين عميقا في بطون الكتب المقدسة ليجدوا عناوين تناسب
سمفونية الموت التي ستعزفها أوركسترا العابثين بالحياة والتي إبتدأت إيذانا لفصل
جديد من عمر مديد وفي صراع لا ينتهي ، فتفتق الغوص عميقا على طرفي الصراع عن طوفان
وسيوف تم تعزيزها لاحقاً بسهام لا شرقية ولا غربية ولكنها شمالية هذه المرة حالمة
وواهمة بترتيب جديد لتشريع عدالة القتل الجماعي لمعارك الصوت والصورة والتي أتت على البشر والحجر
والشجر والبهائم وقبل كل ذلك أصابت بمقتل كل معاني القيم الإخلاقية والإنسانية على
مرآى ومسمع العالم بأسره والذي ألف المشهد وبات من يومياته المملة والذي لم يعد
راغباً برؤيتها دون أن يكون كثيرا منه قادراً على وقفها وبعضاً منه غير راغباً في
ذلك ، لينتقل للتو ثقلها الأساسي الى لبنان بعد أن وضع لها عنوان سياسي بالخط
العريض هو إعادة سكان الشمال الى مساكنهم وباتت أحد أهداف الحرب المعلنة بمسمى
سهام الشمال قبل أن يكمل ألأهداف المعلنة لحرب السيوف الفولاذية في الجبهة الأساس
فرضتها إعتبارات دولية وأيديولوجية ومصلحية لحكومة الأساطير ورأس الحكم والقرار
فيها بنيامين نتنياهو ، وبمشهد دراماتيكي وفصل من فصول الدراما التي تفوق الخيال
في عالم التجسس والإختراق وبحرب سبيرانية غير مسبوقه تم تفجير منظومة وسلاح
الإشارة لحزب الله بموجتين متتاليتين على أمتداد لبنان كدولة ومناطق تواجد كوادر
الحزب وعناصره في سوريا ليتبعهما بضربة ثالثة بإستهداف إجتماع سري للغاية لقيادة
جبهة الإسناد والمشاغلة وبما إصطلح على تسميتها بقوات الرضوان وهي تاج القوه لحزب
الله ، وفي غضون اثنان وسبعون ساعة لا أكثر بات الالاف من قيادات الحزب وكوادره
وعناصره الأساسية خارج الخدمة فهم ما بين من غيبهم الموت وفاقدي البصر ومبتوري
الأطراف وناجين فقدوا زوجاتهم وأبناءهم وفقدوا معها أية ثقة بمنظومة إتصالاتهم ولم
ينسى هذا الزلزال أن يطال سفير رأس منظومة قيادة محور الممانعة لدى دولة محكومة
بلغة الأمر الواقع من دويلة داخلها وما خفي من خسائر فهو أعظم بكل تأكيد ، وتسارع
الة الموت الخطى لتطال درة التاج وما أصطلح على تسميته بسيد المقاومة وصاحب النظريات
الحالمة بأوهن من بيت العنكبوت وحيفا وما بعد حيفا ورجل بحجم محور قصم قلب وظهر جمهور
واسع من أمة تبحث عمن يسوسها بلا طائل ، وبعد طول إنتظار محرج ومكلف يرد رأس
المحور بمهرجان للصواريخ العابره للحدود والتي تجاوزت المئتين لم تقتل ممن إستهدفتهم
أحداً بل قتلت ممن أرسلتها لمناصرتهم شخصا ومن غزة المنكوبة بالتحديد تواجد بالضفة
الغربية إضطرارا بعد إغلاق منافذ العبور اليها ، فقد قاده حظ عاثر لأن يتزامن
مروره مع سقوط أجزاء من صاروخ تم إعتراضه من القبة الحديدية فوق المناطق المأهولة
بالسكان في الضفه الغربية والتي غصت شوارعها وأسطح منازلها وشرفاتها بالغارقين
بالأوهام إبتهاجاً بمهرجان الموت الذي لم يقتل أحدا سواهم ، وهكذا وبين إنتظار رد
قادم على الفعل ورد على الرد وفي إنتظار أهداف دسمة جديدة وذات دلالات للمتصارعين
، ستبقى دوامة الموت حاضرة الى ما شاء أولياء أمور المتصارعين لها أن تبقى.
لقد كان من الصعوبة بمكان أن تخالف الحدس المألوف لجمهور مندفع فاقد للوعي
من بني جلدتك وداعميهم ومحازبيهم في اللغة والدين والذي مجّد شهوة القتل وغريزة
الثأر الهائجة المائجة والمكبوتة منذ قرن من الصراع ، فمنذ الساعات الأولى لهذا
الفصل الجديد من حرب الأساطير وما كان يتم بثه على الهواء مباشرة من مشاهد في خليط
بين أعمال المقاومة وأعمال الرايات السوداء من قتل وسحل وسحب العجائز والنساء والإطفال
الى سراديب الموت والمقاطع الصوتية التي تصف كم قتل من مواطني عدوه في غلاف الموت
المطبق على خزان البؤس في قطاع غزة ، لتدرك يقينا وبما لا يقبل التأويل بإننا
إنزلقنا للتو الى أتون محرقة كبرى ستكون ملئ السمع والبصر ليس بمنطق العرّافيين
ولكن بمعرفة عميقة ودقيقة لكيفية تعريف الطرف الآخر لما يجري وكيف سيتصرف في ضوء
هذه المشهدية والفرصة التاريخية السانحة التي لن تتكرر في المدى المنظور في ظل
حكومة الأساطير وأقاصي اليمين الموغل في العنصرية والتطرف ورفض الآخر وما إنهال
عليها من دعم منقطع النظير في الساعات والأيام الأولى للحرب حيث فوض أحد قادة
الأمر الواقع نفسه بالنيابه عن شعب صاحب مظلومية عمرها قرن من الزمن بالقول لعالم
أصم أعمى أبكم " علي وعلى أعدائي وليكن من بعدها ما يكون وحتى وإن كان الطوفان
الذي سيجرف المنطقة وما فيها الى أتون هذه المحرقة" .
في جلسات الهمس مع أقرب المقربين على وقع الأحداث الجارية للتو ، تم محاولة
رسم صورة لمآلات المشهد وكل هذا الإغتباط الجارف من بني جلدتك ، ولكن وبصدق فإن
مشهد الدراما السوداء الذي تم تخيله عن ضحايا في الشوارع لن تجد من ينقذها الى
المساكن والأحياء التي سيتم تسويتها بالأرض وما يعقبها من عمليات تهجير واسعة
النطاق بعيدا عن مساكنهم وأحياءهم وإغلاق لكل منافذ الحياة وإبطال عمل الوسطاء
وحاملي خراطيم الإطفاء المعتادين في مشاهد وفصول سوداء سابقة ، فقد فاقت مشهدية ما
حدث كل ما يمكن للمرء من إستحضاره وتصوره حيث كان ينقص صناعة الرؤيا هو قياس دقيق
لمنسوب الأحقاد والكراهية التي يختزنها جمهور الطرف الآخر والتي تفوق بطبقات
متعدده منسوب ما يختزنه بني جلدتك من كراهية ، لتبدأ حمم الموت تتساقط على رؤوس
الناس وبأحدث إصدارات الموت الجماعي للبشر والحجر وتبدأ معها فصول حرب عاتية وفي إحدى تجليات حروب الكراهية والحروب الصفرية
والوجودية والدينية والإثنية وسمها ما شئت، لا تعرف للتناسبية بين الفعل ورد الفعل
أي معنى ولا للفروق الهائله في العديد والعتاد أي قيمة .
بمنطق صدق أو لا تصدق فهذا هو واقع الحال ايها السيدات والسادة فقد قرر فصيل
واحد ووحيد يحكم قطاع البؤس بلغة الأمر الواقع يقف على رأس الحكم فيه بذات اللغة والمنطق
أيضاً شخص يدعى يحيى السنوار أمضى من عمره أكثر من عقدين من الزمن في سجون عدوه
وخارج كل ما هو مألوف من نصوص الإستراتيجيات في العالم بأسره قرر إطلاق شرارة
معركة كبرى أطلق عليها طوفان الأقصى مستعيضاً عن كل ما توصل اليه البشر من علوم
عسكرية بحالة من الهذيان والماورائيات عن قدرات ستأتي بوعد من السماء معتقدا بإنه
الوكيل الحصري للسماء ومنطوقها ولا نعرف أن كان يعرف أن أول ما تنزل على محمد بن
عبد الله أفضل الصلوات والسلام عليه هي إقرأ بإسم ربك الذي خلق ....الخ فهل قرأت أيها المسؤول عن رعيتك أي فصل من فصول
إستراتيجيات الحروب الحديثة ومآلاتها وكيف تدار وكيف السبيل للخروج منها منتصرا بأقل
الخسائر الممكنه وتحقق ما وعدت شعبك به من فتح عظيم سلب الدهماء البابهم فإنجرفوا
خلفك يقرعون طبول الحرب ولا تريد طائفة منه أن تصدق حتى الساعه وبعد كل ما جرى
بإننا منينا بفاجعة وطنية كبرى ، وما زالوا ينتظرون وعد السماء الآتي والذي لا ريب
فيه وكأن وعد السماء يأتي بالدعاء وحده بعد تغييب وتعطيل العقول والعلم ولغة
المنطق .
لا ندري كيف أقنع نفسه بإستخدام النصوص الدينيه لإضفاء صفة القداسة على
معركة خاسرة منذ بدايتها بحسابات العلم والمنطق وما هي الضمانات لأن لا يكون لها
تعريف مماثل ومن ذات المنبع في منطوق عدوه
وهو ما حدث بالفعل ، وإذا بحكومة الأساطير تريدها مئات المعارك لتكوّن حرباً
مفتوحة ، وأي حرب أنها حرب من حروب الأساطير الدينيه وحروب الوجود واللاوجود
والموغله فيها أصلا وفرعا ، هل كنت تعرف مسبقا
منطوق الحروب الدينية ومتطلباتها ومخاطرها على رعيتك ومن خلفه شعب بأكمله ، أنها
أن كنت لا تعلم فهي من أشرس وأقذر الحروب التي سجلتها البشرية وإرجع الى التاريخ
التي نشك بإنك تعرف عنه شيئاً غير ما أكتنزته ذاكرتك من بطون الكتب الموجهه لفكر
الرايات السوداء .
ماذا وفرت من وسائل الصمود لأبناء رعيتك بديلاً عن المنافذ البرية التي قمت
بمهاجمتها صبيحة السابع من أكتوبر وأنت تعلم بإنها شرايين الحياة للبائسين التي
تحكمهم بأمر الله ، فالماء والكهرباء والدواء والغذاء والكساء والوقود يمر عبرها
وحتى البديل أن كنت تراهن عليه مع أشقاءك العرب فهو على مرمى حجر من الة الموت
لعدوك على الأرض وفي السماء لن تتمكن من مجرد الوصول اليه متسللا على الأقدام وليس
بالشاحنات وإن كان مفتوحا على مصراعية من جانب جيرانك على الطرف الآخر ، أم أن فتح
الفضائيات على مصراعيها للصراخ والعويل واللطم وأدب البكائيات هي الخطة الوحيدة التي كنت تمتلكها .
ماذا أعددت للتعامل مع حمم الموت القادمة من السماء والتي تصبها طائرات
الموت والتي لا تراها بعينك ولا تسمع صوت فعلها سوى بين رمشة جفن وارتداده والتي
تنشأها منظومات الحكم الرشيد لها ولرعيتها ، أما إن كنت تراهن على سراديب الموت
التي أنشأتها لنفسك لتترك رعيتك يواجهون قدرهم بنفسهم على وجه الأرض فهذا شأن آخر
لم نسمع عنه من قبل في تاريخ الأمم التي تقاتل للدفاع عن شعبها وحقوقه المشروعه
وحتى هذه السراديب وإستخدامها بكل الأنانية والإستهتار بحياة البشر وبعد أن فقدت
كل مفاعيلها وضاقت عليك الأرض بما رحبت ، تعود لتزاحم الهاربين من الموت على أماكن
ايواءهم لتحتمي بهم في صورة مقلوبة للراعي
والرعية ليصار الى قصفها بحمم الموت لتحصد عشرات الضحايا لتطال شخص واحد قرر أن
يحتمي بالاف البائسين .
كيف قمت بهندسة خطتك لمواجهة الات الموت الزاحفه على وجه الأرض المحروقه
والتي دكتها حمم السماء وهل ما أمتلكته من وسائل لم تكن كافية لصد هذا الإجتياح
الواسع النطاق لقطاع البؤس من بابه الى محرابه فغالبية المناطق على مساحة قطاع
البؤس تم دوسها بجنازير الدبابات وحتى المناطق التي لم تدوسها جنازير الدبابات
فأنت تعرف وعدوك يعرف والمواطن البائس بات يعرف أيضا بإنها مؤجلة وذلك لتواجد
غالبية الرهائن الأحياء منهم بها وحين تنتهي المرحلة الأولى من أي صفقة للرهائن
هذا إن تمت إصلا فسيتم سحقها كمثيلاتها ، أو أن خطتك كانت تقتضي أن عدوك لا يستطيع
المغامرة بالدخول البري لفداحة الخسائر التي سيتلقاها وأن تم الدخول برياً فسيكون
على نطاق محدود الى أطراف التجمعات السكانية والمناطق الرخوه والزراعية بين المدن
.
ماذا أعددت من خطط لصياغة التحالفات وجبهات النار التي ستنخرط في الجهاد
المقدس حين يتعرض أحد الحلفاء لحرب مميتة أم أن كلام الليل يمحوه النهار وبت تقارع
الموت بالموت وحيدا وحين تحركت الأساطيل في البحار وتم رفع العصي الغليظة إنفضوا
من حولك وفي أحسن الأحوال تكرموا بتشغيل أحداها كجبهة إشغال ومساندة ترتفع وتنخفض
وفق مؤشر الإقتراب من حرب واسعة أو الإبتعاد عنها وحتى هذا الإسناد والمشاغلة فقد
بقي يراوح في المكان ويتلكأ حتى إستدارة الة الموت المتدحرجة وبكل قوتها نحوه وبات
الآن وتحت النار بين خيارين أحلاهما مر فإما مشهد غزة بكل ما فيها من مشاهد فاقت
أفظع أفلام الدراما السوداء أو الإستدارة والتراجع الى الخلف بكل ما تحمله من
تبعات جيوسياسية لمشروع مذهبي تم إنفاق المليارات عليه ،أو إنتظار مسيرة أو صاروخ
قادم من على بعد الاف الكيلومترات من جبهة إسناد ومشاغلة أخرى موسمياً يتحكم
بإيقاعها إعتبارات ومصالح نظام لولي الفقيه أو عملية قادمة من الضفه الغربية .
ماذا أعددت من خطة للخروج من الحرب وإجبار عدوك على وقفها غير مئات الرهائن
التي تحتفظ بهم والذين تقلص عددهم الى مئة أكثر من نصفهم موتى وانهم باتوا في عداد
جزء يسير من فاتورة الحرب الباهظة التكاليف في عرف حكومة الاساطير وأنهم باتوا
سبيلا للقتل وليس لوقفه وأن ما جرى وما سيجري من مفاوضات لا تنتهي ما هي الا لذر
الرماد في العيون لأن المهمة لم تكتمل بعد في القضاء المبرم على قضية شعب يكافح
على مدى قرن من الزمن .
هكذا تبنى استراتيجيات الحروب وفق منطق المشعوذين والمغيبين عن الواقع
والذين لا زالوا يكابرون وينتظرون معجزة من السماء قد تقع في زمن انتهت فيه
المعجزاتفهذا هو الثمن لعدم الإعتراف بالعلم بإنه هو السبيل الوحيد لحل المشكلات
والذي لا يقيم وزنا لمعاناتنا ولا يأبه لتأوهاتنا وأمانينا وتضرعاتنا ونوايانا
الحسنه فالفرضيات الخاطئه وسوء تقدير الإحتمالات وإغفال الحقائق والركون الى
الإنحياز الحدسي سيؤدي بالقطع الى إتخاذ قرارات مستنده الى نزوات إنفعاليه وستكون
النتائج حتما على هذا النحو الكارثي والمأساوي الذي ألم بنا .
سينبري لك مرتادي شبكات التواصل الإجتماعي من الدهماء والقطيع المغيب عن
الواقع لينقل النقاش من مستوى رفيع المستوى يتحدث بالحقائق والتي هي ملئ السمع
والبصر الى مستوى متدني من التكفير والتخوين ونظريات المؤامرة والسباب والشتائم
وكأن كل ذلك سيسهم في حل الكارثة والمأساة التي إنزلقنا اليها فتوجيه أصابع
الإتهام للنظام العربي والجيوش العربية لن يحل المشكلة فهي هروب من تحمل المسؤولية
فلم يسبق لنظام عربي أو جيش عربي وأن وعدك بأي شيء ولم يفي به فهو جهاراً نهارا
يدعو الى إقامة دولة فلسطينيه وفق قرارات الشرعية الدولية ومفاوضات برعاية دولية
وبإمكانك أن تجادله أو تحمله المسؤولية في إطار ما يدعو له إن كان قد بذل جهدا بما
يكفي لذلك أم لا ، ناهيك أن شريان الحياة الذي إمتد لغزة وأهلها هو بغالبيته من
النظم العربية التي توجه قطيع السباب والشتائم لهم صباح مساء ولكن ومن باب أولى
فليوجه الإتهام أن كنت تمتلك الجرأة الأدبية والإخلاقية لرأس محور الممانعه الذي
إنخرطت به وسلمته أوراق إعتمادك تحت راية الولي الفقية قدس الله سره والذي ملئ
الفضاء ضجيجاً عن الجهاد المقدس ليتمخض عن جبهة مشاغلة من جنوب لبنان من أبناء
العرب ولو كان يشاطرهم بالمعتقد الديني والتي لم تمنع قتلاً ولم توقف حرباً بل
باتت الآن وبعد أن إستدارت اليها آلة الموت بحاجه الى من تتكأ عليه ، في دويلة
داخل دولة آيلة للسقوط وموضوعه على جهاز التنفس بالأكسجين الغربي بعد أن إنقطع
العربي منه لأسباب باتت معرفًه تحت يافطة الإصطفاف والإنحياز الى لعبة المحاور فهي
لا تحتمل ضرب مطار أو ميناء وحتى جسر واحد تم قراءة ردها على مقتل رئيس هيئة
أركانها فؤاد شكر من قبل عدوها على النحو الذي تم بإنه وهن وضعف الا من لا يريد
رؤية الحقائق بتجرد والذي أكدته حوادث التفجيرات لمنظومة الإتصالات وإغتيال
القيادات ، أما رأس المحور فحدث ولا حرج فقد قتل رأس القيادة الفخري لمشروعك في عقر
بيت نظام الولي الفقيه ولا زال يدرس خياراته وها هو درة التاج للمحور يتلقى
الضربات المميته والمتدحرجه في لبنان فإذا برسائل النار الموعودة تتحول الى رسائل
وعروضات بالسلام والتعايش على وقع حركة الأساطيل التي تجوب البحار في محيطه ، وبعد
طول إنتظار والإستحصال على الأذونان والإستشارات والشروحات الدولية اللازمة جاء
الرد على النحو الذي رأيناه ، وبالرغم من كل
ذلك فلا لوم عليه ، فدولة تبحث عن رئيسها المفقود على أراضيها لأربعة عشر ساعة
وتستعين بخبرات الآخرين حتى تجده وقتل لها من نخب العلماء وقياداتها العسكرية على
أراضيها وخارجها المئات ويصادر أرشيفها النووي فما هو المنتظر منها، وما يتحملون
مسؤوليته فقط هو مداعبة أحلام البسطاء والحالمين والساذجين ، أما رمي كرة النار
الملتهب نحو الداخل وقيادة م.ت.ف والسلطه الوطنيه الفلسطينيه فهي أيضا هروب من
تحمل المسؤولية لأنه وببساطة سيرد عليك أحدهم ومنذ متى وأنت تعترف أصلا بوجودها أو تقيم وزنا لها
ولكل الجهود التي بذلت لتوحيد النظام السياسي وإعادة اللحمة للوطن وتوجه إعلامك
المرئي والمسموع للتشكيك بها وبخياراتها وبكل نضالاتها صباح مساء وتحاول التعمية
على كل الجهود التي بذلت في تحريك العالم ومحاكمه لوقف الحرب ، كما أن رأس السلطة
الوطنية وبصحيح العبارة وبلا مواربة ولا تلعثم يرفض بالمطلق ما أقدمت عليه لمعرفته
المسبقة بما وصلنا اليه قبل وقوعه ولطالما حذر منه ولكن لا حياة لمن تنادي ، أما عن
تحميل المسؤولية للولايات المتحدة والغرب عموماً
فهو من أغرب النكات السمجه التي من الممكن أن تستمع لها فأنت والحالة هذه
ما بين خيارين فإما أن تكون في غيبوبة الموت ولا تدري بما يدور حولك وإما أنك تعرف
وتداري الحقائق عمن تم تغييبهم عن الواقع الذين لا زالوا يدورون في فلكك ، فأنت إن كنت
تعلم يا رعاك الله فإسرائيل هي الولاية الواحد والخمسون للولايات المتحدة وهي
القاعدة المتقدمة الأهم والأكثر موثوقية في الشرق الأوسط ولن تسمح بهزيمتها ولو
إضطرت للحرب بالنيابة عنها ، هذا عدا عن أنك مدرج لديهم على قوائم الإرهاب مسبقاً
ويصنفون ما قمت به بالعمل الإرهابي والذي يقتضي القضاء عليك وإجتثاثك من الجذور
ولا يختلفون عن عدوك في شيء سوى المطالبة بالتقليل من الضحايا في صفوف المدنيين
وإدخال المزيد من المساعدات لهم وحتى هذه فهم يحملونك المسؤولية عنها لإستخدامك
إياهم دروعاً بشرية ويشيرون اليك صراحة بسرقة المساعدات القادمة لهم ، أو بعد هذا تدفن
رأسك في الرمال ولا تريد رؤية الحقائق كما هي بلا مواربة ، أما الأردن الذي تسعى
لأن تكون لك ولجبهة الممانعة موطأ قدم مستقويا بجمهور الأخوان المسلمين هناك لإحداث
الفوضى فيها فإن كنت لا تعلم بإن عملة الدينار مرتبطة بالدولار الأمريكي كمظلة
حماية وماذا يعني ذلك في العلوم الجيوسياسية فعلى الدنيا السلام فمن غير المسموح
به مطلقا لا دوليا ولا عربيا وحتى إسلاميا المساس بها بالمطلق ولن تكون موطأ قدم
مجددا لك ولا يغرنك ما تشاهده على الفضائيات من حشود أمام سفارة الإحتلال في أعقاب
مشاهد القتل في غزة أو أمام المسجد الحسيني في أعقاب عملية قام بها شخص حركته
مشاهد القتل في غزة ليقتل ثلاثة من موظفي المعبر وشريان الحياة الوحيد للضفة
الغربية وإتصالها بالعالم الخارجي ليقتضي الإحتفاء به وتوزيع الحلوى في شوارع
المدن الأردنية ولا ما أفرزته الإنتخابات النيابيه هناك بفوز كبير لجبهة العمل
الإسلامي ، فهي مشاهد في إطار المسموح به لا أكثر فلا تذهب بخيالك المثقل بالأوهام
بعيداً أكثر من ذلك .
تفتق العمى السياسي عن محاولات محمومة لفتح جبهة في الضفة الغربية وصدرت
الأوامر لخلايا الأزمة المقيمة في جزيرة قطر وتركيا وإعدت الخرائط التفاعلية وتنطح
المحللين الإستراتيجيين والمحلليين السياسين لتحضير المسرح لإكمال الإجهاز على
الشعب الفلسطيني وقضيته وكأن المشهد في قطاع غزة لم يكن كافيا ، فقد أسمع الأصم
وأنطق الأبكم وأبصر الأعمى الا أئئمة المغيبين عن الواقع من الأخوان المسلمين فقد عميت قلوبهم قبل
عيونهم فهم يرون بتدمير الضفه الغربية مخرجاً لأزمة غزة ويرون بمئات البنادق في
أيدي شبان حديثي العهد بالقتال طريقا للنصر والتحرير وكأنهم قد هبطوا من كوكب آخر ،
لم يسمعوا بإن مئات الشبان من هؤلاء تم تصفيتهم بدم بارد وبمسمى معارك بعد أن تم
تكديسهم في مخيمات البؤس وأزقة البلدات القديمه لمراكز المدن بفعل فاعل وفي استعراض
للقوة على الهواء مباشرة ولم يكتفي كبير المحللين الإستراتيجيين على شاشة جزيرة
قطر ذو الشهرة واسعة النطاق ومقولته المشهورة "حلل يادويري" فيتسائل عن
سبعون الف مجند وبندقية للسلطة الوطنية الفلسطينية وأين هي ولماذا لم تنخرط في
المواجهة وهو كعسكري مخضرم يفترض طبعاً بإن لكل مجند من هؤلاء بندقيته المخصصه له
وكأنه لا يعرف بإن السلاح المخصص لوحدة من مئة شخص لا تتجاوز العشرة بالمئه في
أحسن الأحوال وأن هذا السلاح قد دخل الى الضفة الغربية وفق إتفاق أوسلو ومسجل
بالرقم لدى أمن الإحتلال وأن أكثر من النصف من السبعون الفا هم في غالبيتهم أجهزة
أمنية وخدمية شرطية وجمركية وقضائيه وسياحيه وحماية لأمن المؤسسات وأن نصف النصف
الثاني هم أسرى سابقون وذوي شهداء وجرحى وحالات نضالية من ضحايا الإحتلال تم
تحميلهم للمؤسسة الأمنية لتوفير حياة كريمة لهم .....وتتكرر الأسطوانة المشروخة
بالتناوب على مرتادي الجزيرة على لسان خريجي مدرسة الكارثه التي ألمت بالشعب
الفلسطيني بلا خجل ولا حياء وكأن تحليلات مشهدية غزة وكتائب بيت حانون والشجاعية من خارج
الصندوق الأسود والمناطق الرخوة والصلبة قد إبتلعتها الناس وآن الأوان لإكمال ذات
المشهدية في الشطر الآخر من الوطن الذي مزقه العبث والتنطح لقضية كبرى تحتاج الى
جهد جماعي فلسطيني عربي إسلامي دولي لكل تعقيداتها وفنون التآمر عليها وليصب
مباشرة في صلب أهداف حكومة الأساطير والتي لا تخفيها بل تتحدث عنها جهارا نهارا على
لسان حديثي العهد بالسياسة من بين أعضاءها (سموتريتش وبن غفير) عن ضرورة إسقاط
السلطة بالضفه الغربية وإعادة إحتلالها وفق قانون شريعة الغاب ، فهي أولى مهمات
حياتهم وبقاءهم .
سيحاججك الكثيرين بأفكار تخالف كل ما تقدم وهي مسبقا مقبولة ومقدرة تماما
ما دامت في الإطار الفكري النظري بغية الوصول الى مقاربات فكرية من الممكن أن تسهم
في رسم تصور ومقاربة للخروج من المأزق الراهن وأن القاسم المشترك في كل هذه
المحاججات سيكون من قبيل أين الطرف الآخر في معادلة الصراع بقتله وإستيطانه
وتهويده للمقدسات ؟؟وهل كان السابع من أكتوبر وليد صدفه ؟؟ولماذا يتم جلد أصحاب
المظلومية ؟؟وهل كنا قبل السابع من أكتوبر في سلام وحرية وكرامة وكانت قضيتنا في
موقع أفضل مما هي عليه الآن دوليا وعربيا وإسلاميا ؟؟ومن هي الشعوب التي تخلصت من
الإحتلال بدون أن تقدم التضحيات الجسام؟؟ ...ليأتي الرد من كثر على الجانب الآخر وفي
صلب هذه المحاججات بالقطع بإن غالبية ما جاء في هذه المحاججه صحيح فلم يترك الطرف
الآخر من وسيلة للإضرار بالشعب الفلسطيني الا وفعلها فهذه هي العلاقة الطبيعية بين
الإحتلال والمحتلين ومنذ متى كان المحتلين في أي مكان في العالم أصحاب ايادي بيضاء
على من يستعبدوهم ولكن الأهم ماذا فعلت أنت في إيصالنا الى ما نحن عليه اليوم من
خوض حرب عدمية ونكبة جديده ، لقد ناضل الشعب الفلسطيني لقرن من الزمن بكل ما فيه
من مآثر وخيبات وتضحيات جسام وتعاقب قيادات وتحالفات الى أن وصلنا الى اللحظه التي
قرر بها ياسر عرفات ومحمود عباس على جانب
ورابين وشمعون بيرس على الطرف الآخر قبل أكثر من ثلاثون عاما من وضع حد لدوامة
الموت فلم يكونوا محبين لبعضهم البعض ولكنهم بإختصار حاولوا الإنفلات من عقد
التاريخ الى رحابة الواقع بما أطلق عليه إتفاق أوسلو وقل به ما شئت من مثالب وعيوب
ولكنه بأبسط الصيغ والتعريفات فهو اللبنة الأساسية لمشروع دولة الأحلام فقد أتى لك
بجواز سفر يعترف به العالم وأعاد مئات الالاف من الشتات وبدأ المشروع الإحتلالي
بالإنحسار وحتى مشروعية وجودك في حكم الأمر الواقع لغزة كان أوسلو الذي تلعنه هو
بطاقة المرور له في إنتخابات لطالما كررت بإنها حره ونزيهه ومنحت نفسك شرعية
السيطرة على قطاع غزة بناءاً لنتائجها ..... فلم يكن ياسر عرفات ساذجاً ليعرف بإن
الطريق ستكون مليئه بالأشواك فماذا فعلت أنت يا حفظك الله ومن يماثلك على الطرف
الآخر فقد حرصت بإنه عند كل محطة من محطات التقدم قدما في تنفيذ إستحقاق أو إنسحاب
إحتلالي من منطقة بإن تقوم بعملية تفجير لدى الطرف الآخر لإيصاله للكفر بالسلام
وإيغاله بمزيد من الجنوح نحو اليمين أما على الطرف الآخر فقد جاءت المعالجة من آخرها
فقد إنبرى أحد خريجي المعاهد التوراتية بقتل رابين رأس الحكم لدى الطرف الآخر وبتحريض
من ذات الأشخاص الذين يقفون اليوم على رأس حكومة الأساطير إبتداءا ببنيامين نتنياهو وكل جوقة تحالفاته وعنوانيها
الأبرز سموترتش وبن غفير...... وبعد أكثر من ثلاثين عاماً تجري المقادير وعدالة
السماء لأن يصطدم المتشابهين الغارقين في الأساطير والذين حطموا كل الفرص للمضي
قدما بإتفاق الصقيع وهم على رأس الحكم على جانب وحكم الأمر الواقع على الجانب
الآخر ليحملوا في أعنقاهم كل اللعنات على الدماء التي سفكت جراء ما فعلته أيديهم
على مدار أكثر من ثلاثون عاما .
عندما تفقد القوى الأخلاقية التي تشكل هيكل المجتمع زمام المبادرة من يدها ويتولى
الدهماء والمغيبين عن الواقع صدارة المشهد الإعلامي فإن تفكك المجتمع يصبح قاب
قوسين أو أدنى فمجتمعات العالم الثالث لم يكن الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي لهم
بمثابة منهل للمعلومات والمصادر المفتوحة فحسب وإنما قدم فرصة مواتية للدهماء
لصناعة الفوضى والعبث ونحن كمجتمع لسنا إستثناءاً لهذه القاعده فعندما ترى أشباه المحللين العسكريين والسياسيين والباحثين
عن تصيد الفرص وتصفية الحسابات وأرباب السوابق الجنائية وخريجي مراكز الإصلاح
وإعادة التأهيل والعملاء الذين تخلص منهم مشغليهم بعد أن إنتهوا من إستخدامهم يتحدثون
بالشأن العام وعندما ترى خريجو معاهد الوعظ والإرشاد الديني
يتحدثون بالإقتصاد والأمن والسياسة والقانون ويصدرون الفتاوي ويغيب أهل العلم والتخصص
فأعلم بإن هناك من يوجه عجلة القيادة لهذا المشهد العابث بالدم والمقدرات وهو بكل
تأكيد لا يريد خيرا بنا .
أما وقد حدث ما حدث فلا طائل من ذرف الدموع على اللبن المسكوب فقد بات
معروفا للقاصي والداني بإن المعادلة الراهنه في قطاع غزة هي وفق منطوق الطرف الآخر
تقتضي القضاء المبرم على كافة التشكيلات العسكرية في قطاع غزة وإنهاء حكم حماس
المدني وإستعادة الرهائن إن كانوا أحياء أو أموات بكل الطرق الممكنه وبأقل الخسائر
ليس من بينها مشهدية أي صورة من صور النصر لحماس في هذا الملف من قبيل الإفراج عن
أشخاص إستعصت إتفاقيات التبادل السابقة عن تحريرهم الى الداخل وإعادة السيطرة على
قطاع غزة بتواجد عسكري يقطع أوصاله الى مناطق والسيطره على الحدود الجنوبية وما
يطلق علية محور فيلادلفيا ومعبر رفح أما الشأن المدني فالخيار المريح له فهو إعادة
إحياء ما يسمى الإدارة المدنية وشكل مستحدث للإدارة الذاتيه والمعيشية اليومية من
قبل أشخاص يقبلون القيام بهذا الدور مدعومين من عائلات واسعة النفوذ والسيطره
لتولي إعادة الإعمار وتسيير الأمور المعيشية بأموال عربية لا يتحمل الإحتلال
الجديد فاتورة تكاليفه بأي شكل من الأشكال ومنع إي إتصال بالشطر الآخر من وطنهم
ولا منظومة الحكم فيه ، أما وفق منطوقك فهو إجراء عملية تبادل تعيد ولو جزءاً من
الصورة التي تهشمت على وقع الكارثة التي المت بأهل قطاع غزة وإنسحاب العدو الى
خارج حدود قطاع غزة والذي لم يكن موجودا بها والبقاء في الحكم ولو على كثبان
الدمار وتوزيع المساعدات على البائسين ومحاولة إلسيطرة على إعادة إعمار غزة بما
تبقى لك من شظايا هياكل مدنية قادرة على هذا الفعل الذي ستكون دول كبرى عاجزة عنه
بكل تأكيد وإعادة ترميم شظايا الهياكل العسكرية أما وحدة الوطن فيتم إدارتها من
جديد على شاكلة لعبة تقاذف الإتهامات وتكرار
اللقاءات القديمة والتي لن تفضي لشيء وإن توصلت لشيء فسقفه الأقصى هو إبقاء سيطرتك
العسكرية على قطاع البؤس ومشاركة شكلية لقيادة السلطه الوطنية في الهياكل المدنيه
لدفع الفواتير وكأن شيئا لم يحدث على الأرض .... صورتان متضادتان مغرقتان في
الهذيان بكل ما للكلمة من معنى فأرض الواقع تقول إن كنت لم تعلم بعد :ـ
1ـ لقد تمكنت قوات الإحتلال من توجيه
ضربات عسكرية مركزة ومميتة للبنى والتشكيلات العسكرية في قطاع غزة لن تعود معها
هذه التشكيلات من القدرة بمكان لأن تشكل تهديد حقيقي مجدداً للقوات العاملة في غزة
ولا في غلافها ولسنوات قادمة يستلزم إعادة بناءها على أقل تقدير عقد من الزمن أن
إتيح لها أصلاً أي منافذ لفعل ذلك على غرار ما قبل السابع من أكتوبر وأن على قوات
الإحتلال أن تكون جاهزة لمواجهة وملاحقة مجموعات صغيره متناثره ومسلحة بأسلحه
خفيفه بعد أن تم تحييد القوة الصاروخية وذلك لثلاثة سنوات أخرى على الأقل داخل غزة
أو التي تحاول التسلل الى غلاف غزة حتى يتسنى لها القول بالقضاء التام على
التشكيلات العسكرية لحماس وفصائل المقاومة في قطاع غزة وهي بحاجة الى فرقتين
عسكريتين متخصصتان في حرب من هذا القبيل وما سستتكبده من خسائر فادحة في كافة
المجالات البشرية والإقتصادية والعلاقات الدولية فهل طرفي الصراع قادرين على دفع
فاتورة من هذا القبيل أم لا ؟؟والجواب بالقطع لا .
2ـ إن الجهاز الحكومي والمدني في
غزة تلقى ضربات مميته لا تقل عن تلك التي تلقتها التشكيلات العسكرية فالقيادات
والوزارات ومؤسسات التحكم والسيطره للجهاز المدني شلت تماماً ناهيك عن كافة مظاهر
الحياه ومتطلباتها الأولية قد أبيدت فالمستشفيات التي بقيت تعمل أو التي تم إعادة
تشغيلها على عجل لا تغطي الندر اليسير من إحتياجات البائسين أما الجامعات والمدارس
ودور العبادة ومنشآت تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي الى شبكات المياه
والكهرباء والصرف الصحي والشوارع وكل تفاصيل الحياة فحدث ولا حرج فهي قد أعدمت
تماماً فهل طرفي الصراع قادرين على تحمل تبعات هذه الفاتورة لثلاثة سنوات أخرى
فالجواب بالقطع لا .
3ـ بات من المعروف بإن هدفي الحرب
المعلنان من الطرف الآخر هو القضاء على التشكيلات العسكرية لحماس وحكمها لقطاع غزة
وإستعادة الرهائن وقد تبين بالملموس بإنهما هدفان متنافران فلا يمكن إستعادة
الرهائن أحياء مع الإستمرار بالحرب على هذا النحو من البشاعة الا إذا كان وهو
الراجح بإن المطلوب هو إستعادة ما يمكن إستعادته من رهائن أحياء بالقوة أو بفاتورة
منخفضة التكاليف (صفقة لا يبرز فيها أي صوره من صور النصر لحماس) على وقع الضغط
العسكري أما ما تبقى فلا بأس بإستعادتهم كجثث وهو يندرج في إطار فاتورة التكاليف
المؤلمه للحرب في ظل ضغط شعبي داخل دولة الإحتلال وضغوط دولية هائلة لتنفيذ الصفقة
، أما بالنسبة لحماس فهو الشريان الأخير للحياة وقد تم تحميل حاضرها ومستقبلها
القادم عليه بكل ما تعني الكلمة من معنى فبقاءها على قيد الحياة وترميم صورتها على
وقع الكارثه وخروج العدو الى خارج غزة وعودة الناس من الجنوب الى الشمال والحفاظ
على ما تبقى من هياكل وشظايا وجودها العسكري والمدني وإعادة إعمار غزة في ظل ضغوط
إنسانية هائلة على مواطني قطاع غزة ، فهل معادلات بهذا التشابك والتضاد قابلة
للتحقق من قبل طرفي الصراع دون النزول عن أعالي رؤوس الأشجار والجواب لا بكل تأكيد .
4ـ إن الحاضنة الشعبية في قطاع غزة
للمقاومة أصابها ما أصابها من الأهوال والتمزق والتي هي أساس الإستهداف من قبل
قوات الإحتلال ناهيك عن الفوضى الناشئة بالتوازي مع العمليات العسكرية وهي الأخطر
على قاعدة أن القلاع تتهاوى من داخلها فجمهورك الأساس أن كنت لا تعلم بعد ، هو ما
بين من سيذهب معك لآخر المشوار ومهما كانت النتائج لأنه خسر كل شيئ وأن التراجع
قيد أنملة الآن يعني النهاية لكل ما تم بناءه على مدار كل هذه السنوات وهو لا يمثل
أكثر من 5% من مجمل القاعدة الشعبية للشعب الفلسطيني في إقليم غزة أما الشريحة
الأكبر من جمهورك الأساس ومحازبيك والذين أرتبطت مصالحهم بمشروعك فهو يصب اللعنات
عليك صبح مساء ويحملك المسؤولية شخصيا عما آلت اليه الأمور في أطار الأحاديث
الداخلية للأسر الأخوانية ولكنه بفعل الإنتماء والتربية الباطنية الصارمة بعدم نشر
الغسيل المتسخ على الحبال تجنباً لشماتة الأعداء والخصوم على حد سواء ، فهو لن
يخرج الى دائرة الفعل وسينساق خلفك مغلوبا على أمره لعل الله يحدث أمرا ، أما بقية
مكونات الجمهور الفلسطيني في قطاع غزة وهم الغالبية العظمى فهو يتمنى زوالك وزوال
كل ما يمت لمشروع الأخوان المسلمين بصله وقد كفر بكل ما تمثله .
5ـ إن الإستدارة التي قامت بها
قوات الإحتلال وتوجيه الثقل الأساسي للحرب نحو جبهة الشمال بنيت على ثلاثة عوامل
رئيسيه أولاها هو إغلاق باب التفاوض لإنجاز صفقة تبادل عمليا والإبقاء عليها شكليا
وهي تحقق بذلك وقف كل الضغوطات الداخلية والخارجيه والمحافظة على تماسك حكومة
الأساطير التي لن تمرر صفقة أسرى في ظلها وتنقل الصورة والحدث الى مكان بعيد عن
جوهر الأزمة الأساسيه وثانيهما هو إنهاء التهديد الناشيء في الشمال من جذوره وليس
بإعتباره جبهة مشاغله وإسناد فحسب بعد أن توفر لها قاعدة بيانات ومعلومات
إستخباريه هامة جدا تتيح له فعل ذلك فحزب الله بات صفحه مقروءه له ولن تتكرر هذه
الفرصه السانحه مرة أخرى فهو قد أنجز الكثير في جبهة الجنوب ومن الممكن تأجيل
الحسم بعد التفرغ لها في ظل مناخات داخليه وخارجية مريحه له على نحو أكبر وثالثهما هو إنزال حمولة ثقيلة عن كاهل حكومة
الأساطير ومشهد المهجرين من الشمال وما تحمله من فواتير ثقيله سياسيه وإقتصادية
ومعنوية .
6ـ أن القراءة الدقيقه لواقع الجبهات
الراهن التي تعمل بها قوات الإحتلال يفيد بإنها ماضية بالبحث عن الحسم المطلق وهي
كمن يجري خلف سراب فبالرغم من كل أنجزته الآلة العسكرية والإستخبارية والذي لا
يمكن التشكيك فيه على كافة الجبهات الأساسيه المفتوحة حتى الآن الا أنه يبقى بحاجه
الى تأطير سياسي قابل للتطبيق يعظم النتائج العسكرية ولا يستهلكها مع إستمرار
المراوحة في المكان فالبنية الفكرية لحكومة الأساطير لا يمكن لها إستيعاب وتقبل
المخارج السياسيه لكل هذه الأزمات فالبحث عن الحسم العسكري المطلق يصطدم بحالة
إستعصاء وإستماته على الجانب الآخر من محور يدافع عن بقاءه ومشروعية وجوده بعد كل
هذه الخسائر الفادحه التي مني بها ففكرة الإخضاع بالنار والقوة لها حدود لا يمكن
أن تصل في الحالة الراهنه الى الحسم المطلق بأي شكل من الأشكال في أي جبهة من
الجبهات فجبهة الشمال التي إنتقل اليها مركز الثقل للتو تشير بما لا يدع مجال للشك
بإن حزب الله تلقى ضربات مميته وقاتله في كافة المستويات البشرية والمادية وحتى
بعد دخول قوات الإحتلال الى جنوب لبنان فصاروخ واحد قد ينطلق يوميا من أي مناطق
لبنان من قبل شظايا قوات حزب الله كفيل بإرسال رسالة للطرف الآخر بإن الأمر لم
ينتهي بعد ولن يعود معه مستوطن واحد الى أماكن السكن السابقه وأن المخرج الوحيد هو
مخرج سياسي بإمتياز والعودة على قرار 1701 ومقرراته فقوات الإحتلال التي قبلت به
قبل ثمانية عشر عاما وتحاول الرجوع اليه بعد كل الضمانات اللازمة لعدم تكرار
التفاف حزب الله على نصوصه تحت ضغط الآله العسكرية مع كل ما أنجزته على الأرض وهو
فك عرى التلازم بين جبهة الشمال والجنوب وهو ما لا يقبله حزب الله وفق المعلن عنه
على الأقل وبخاصة بعد كل هذه الخسائر التي تعرض لها، لأن قبوله سيشحذ السكاكين
التي ستشهر بوجهه من الخصوم والأصدقاء على حد سواء ، الا إذا أخذ القرار بذلك من
قيادة محور المقاومة ومن نظام الولي الفقيه ، أما جبهة الجنوب بإعتبارها ساحة الصراع
الرئيسيه والمعلق الحسم بها لحين الإنتهاء من جبهة الشمال فهي أمام خيارين لا ثالث
لهما ويقضيان بالذهاب الى صفقه أسرى جزئية بفاتورة يمكن إبتلاعها وتسويقها بين
طرفي معادلة الداخل في المجتمع الإسرائيلي وإستكمال الأهداف المعلنة وغير المعلنة
للحرب وإما الإستداره لها مجدداً وهو الخيار المنسجم مع أفق حكومة الأساطير
والدخول الى المناطق الوسطى للقطاع وإستكمال الدمار الشامل وحل مشلكة الرهائن
بالطريقه العسكريه والتي ستأتي على من بقي منهم أحياء على الأغلب وتنفيذ المخطط
الكبير لمستقبل قطاع غزة مع ما يتطلبه من دفع كل الفواتير المترتبه على ذلك ولكنه
سيكتشف وبعد كل ذلك بإنه لم ينهي التهديد القائم أيضا ، أما بقية الجبهات فهي
ستتفاعل مع كل ما يجري كأحدى ملحقات الصراع تنخفض وترتفع على إيقاع ما سيجري ولن
تكون لها أية حلول حاسمة وباته في إنتظار التسوية الكبرى التي يسعى لها رأس الحكم
الجديد في أيران بالجلوس على طاولة التفاوض قبالة الولايات المتحده وإدارة كاميلا
هاريس الجديده ، لرسم الحلول للداخل الإيراني وهو الأساس وإحتياجات أذرعها ولو
بالحل الأدنى ، فهل حساب الحقل سيطابق حساب البيدر في ظل اللاعبين الكثر وتناقض
المصالح وهو ما لا يمكن تحققه بالمطلق فمعارك الوجود التي يخوضها بنيامين نتياهو
وحكومة أساطيره ستفشل أي إقتراب من هكذا مسعى وستبقى الدوامة على حالها حتى حدوث
التغيير في الداخل الإسرائيلي فهي جوهر الصراع وبدايته ونهايته بكل تأكيد .
7ـ إن الحملات الإنتخابيه المحتدمة
في الولايات المتحده ونتائجها المحتمله هي من بين أبرز الوقائع الراهنه والمتداخله
في كل ما يجري في منطقة الشرق الأوسط وهي في صلب حسابات كافة المتداخلين في الصراع
فما بين كاميلا هاريس والتي أخذت مسافة مدروسة في الشكل والمضمون عن إدارة بايدن
في دعمها لحكومة الأساطير والتي لا زالت جزءاً منها وحاجتها الماسة للإبقاء عن
الحديث عن صفقة رهائن وعدم توسع الحرب في الجنوب الى حيز الحسم ومعالجة الإستدارة
التي قام بها بنيامين نتياهو للتو قصرا وهروبا للأمام من إستحقاقات أية صفقة
للأسرى ودون رغبة الإدارة الأمريكيه الراهنه ومرشحتها للرئاسة والسعي بعدم توسعها
لحرب إقليمية واسعة النطاق، وبين ترامب الخيار الأمثل لحكومة الأساطير والذي يتفق
ضمناً مع رأس حكومة الأساطير بضرورة عدم منح أي صورة من صور الإنجاز لإدارة بايدن
مما يمنح كاميلا هاريس نقاط على حسابه في ظل إحتدام المنافسة والتي ستكون بالالاف
من الأصوات وبخاصة في ولايات متأرجحه سيكون للصوت العربي والمسلم تأثيرا مهما فيها
والذي يريد للحرب أن تتوقف ، وترامب ووعده أن يطلق يد حكومة الأساطير بكل
الإتجاهات لحسم الصراع وفي كل الجبهات وبدعم مطلق والذي قد يتحقق وقد لا يتحقق وهو
الأقرب الى الواقعية وقراءة المشهد الإنتخابي الأمريكي فأختار هذا الشكل من
الإستدارة نحو الشمال وتحت عنوان لا يمكن أن يحاججه به أحد وهو عودة السكان الى
بيوتهم وتجميد جبهة الجنوب على وتيرتها
متوسطة الحده من الحرب بعمليات جوية محدده وبرية محددة أيضا وإبقاء الباب مواربا
لصفقة رهائن دون المضي قدما بها بإفتعال أسباب جديده كلما تمكن الوسطاء من إحدث
إختراق وعينه على الحسم المؤجل والذي لا يحظى بمباركة إدارة بايدن في التوقيت
الحالي على الأقل وعدم إزعاج خياره المفضل ترامب بتقديم نقاط تفوق لخصمه كاميلا
هاريس .
ومن وحي الذكرى السنوية الأولى لمعركة الأساطير ومن على بعد عدة أسابيع من
الإنتخابات الأمريكيه ستكون معه كل القوى المتداخله في الصراع بشكل مباشر وغير
مباشر مطالبون من جمهورهم بإجراء جردة حساب إبتداءا بحكومة الأساطير، عما تم
إنجازه من أهداف معلنة للحرب بإنهاء التهديد الأساس في الجبهه الجنوبية والقضاء
على حماس كتشكيل عسكري ومنظومة حكم وأستعادة الرهائن وعودة الحياة الطبيعية الى
غلاف الموت وكذا التهديد الناشئ في الجبهه الشماليه وعودة الحياة الى بلدات الشمال
وعودة عشرات الاف الهاربين من الموت هناك
وملف الرهائن العالق في منتصفه تقريبا والأوضاع القابلة للإنفجار على نطاق واسع في
الضفة الغربية والتهديد العابر للحدود من إيران واليمن وسوريا والعراق ولمعالجة كل
ذلك وفق منطق الإحتيال السياسي لرأس حكومة الأساطير والتحلل من كل هذه الإجابات
فقد قام بهذه الإستدارة الذكية نحو جبهة الشمال والذي تجهز لها بشكل جيد طيلة أشهر
الحرب الدموية والطويلة في الجنوب وكل ما فيها من دروس وعبر، وفي إطار تأجيل جردة الحساب فإن الخيار
بالإستدارة فهو النموذج الذي لم يوقف إطلاق النار ولم يؤدي الى حرب واسعه ولا حل
لملف الرهائن ولا إغلاقه ولا مسائلة وجردة حساب في إنتظار نتائج الإنتخابات
الأمريكيه وفي كلتا الحالتين لنتائج الإنتخابات فهو ذاهب الى الحسم العسكري في
الجنوب والشمال على حد سواء ، فلن يكون بمقدور إدارة جديدة على رأسها كاميلا هاريس
من منعه من ذلك فهو بلغة المصالح لم يقم بالتشويش ظاهريا على فرصها بالفوز وقد
تحقق للديمقراطين ما أرادوا وإن كانت النتائج على هواه وفاز ترامب فهو أيضا في وضع
مريح جدا فهو فعليا لم يقدم للديمقراطيين أية نقاط على حسابه فلم يوقف الحرب ولم
يحل ملف الرهائن وبهذا فقد تم إطلاق يداه بدعم سياسي وعسكري يفوق كل ما تقدم حتى
الآن .
أما والحالة هذه فإننا سندخل الى عام ثان لحرب الأساطير والتي يريدها الطرف
الآخر حرب حاسمة للإجهاز التام على مشروع البقاء الفلسطيني وبكل صوره وتحالفاته
فماذا نحن فاعلون؟؟ ألم يحن الأوان بعد للتوقف عن الكذب وعدم تسمية الأشياء
بأسماءها ؟؟ ألم يحن الأوان بعد وبعد كل هذه المآسي عن المكابرة والإنكار للحقائق
على الأرض والإصرار على بيع الأوهام للناس ؟؟ لقد ركب ياسر عرفات البحر عام 1982 عندما
بات وجوده عبئا على حاضنته الشعبيه رغم الفاتورة المكلفه لذلك ولكنها قياسا بوقف الموت
والدمار الذي سيحل ببيروت وبأهلها ستكون مقاربة أقل خسارة ؟؟ فماذا أن تم التوجه
لبلورة صيغه فسطينية عربية دولية قوامها حل كافة التشكيلات المسلحه في قطاع غزة
والضفه الغربية وتنفيذ صفقة رهائن بالشروط التي باتت معروفة وتسليم السلاح لقوه
فلسطينية عربية وبإشراف دولي وإنسحاب قوات الإحتلال خارج قطاع غزة وإعادة عمل
المعابر بتواجد فلسطيني عربي دولي تمهيدا لإعادة إعمار غزة ؟؟ هكذا بكل الصراحه
والوضوح وبلا مواربة أم ندفن رأسنا في الرمال والبقاء بلا حراك في إنتظار الأسوء والقادم
والذي نراه رؤي العين؟؟ أم أننا لا زلنا بحاجة الى عشرة الاف شهيد جديد وثلاثون
الف من الجرحى وتدمير ما تبقى من منازل البائسين التي قد تصلح للسكن ونحن على
أعتاب فصل الشتاء وإعادة إحتلال غزة وموت ما تبقى من الرهائن دون الإفراج عن أي
أسير فلسطيني ودمار واسع في الضفه الغربية وبنيتها التحتية وعشرات الاف الضحايا
والمصابين والأسرى وتفكك آخر خيمة للمشروع الوطني وكذا الحال بالنسبة للبنان فلن
يكون حالها بأفضل من غزة فهي في خضم مشهد قاتم لن ينفع معه وفي هذه الحاله إجترار
شعارات من قبيل لو كنت أعرف لما أقدمت على هذا أو ذاك لأنه وبإختصار لن يكون أحد
موجود ليقولها .
يعترينا الشك الذي يلامس اليقين بقبول مثل هذه المقاربات من أصحاب نظريات
الشعوذة فالكبرياء الشخصي والتنظيمي والشعور بلإستحقاق الفائض عن الحاجه سيتفوق
على حقن دماء الناس ووقف معاناتهم فمن أشبعوا البسطاء بالشعارات الدينية والبطولات
الوهمية الكاذبة لن يتصرفوا كقادة وجنرالات للحروب فعجلة التاريخ لا تدور للخلف
فلم يعد الزمن زمن القرار الوطني المستقل النابع من مصالح وطنية عليا خالصة فما
كان من المحرمات يوما بات هو الحاكم لكل المشهد الراهن فزمن الكبار قد ولى الى غير
رجعة فلم يعد ياسر عرفات وخليل الوزير وسعد صايل حاضرون في المشهد فقد أختطف
أمورنا صغارنا وسلموا رقابنا وقرارنا وأوراق إعتمادنا للباحثين عن أدوار لإعادة
إحياء أمبراطوريات قد إندثرت وتجاوزتها لعبة الأمم بحوادث وقرون ، فمن تجرأ على لي
عنق الدين والتاريخ والجغرافيا السياسية وإستراتيجيات الحروب وتطويعها لإنتاج فكر
عدمي كارثي أفضى الى هذه الفاجعة الكبرى لن يكون قادراً على إستشراق المستقبل
وعلينا أن نكون حاضرين للأسوء فمن توقف به الزمن عند صبيحة السابع من أكتوبر ولا
زال يتغنى بمعركة الأربعة ساعات بطوفان "أدخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه
فإنكم غالبون" فهو يلخص المشهد برمته فهكذا يتم تطويع الدين والتاريخ فأسقط
بداية الآية الكريمه 23 من سورة المائدة " قال رجلان من الذين يخافون أنعم
الله عليهما أدخلوا عليهم الباب ...الخ) فمن هم الرجلان يا هداك الله وأصلح أحوالك
إنهم يوشع بن نون وكالب بن يوفنا من بني إسرائيل حينما قاما بحث أتباع موسى
الخائفين من دخول أرض الكنعانيين وهم السكان الأصليين لهذه الأرض أي نحن
الفلسطينيين والمتصفين بالجبروت والقوه في
الآيه التي سبقتها "قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لا ندخلها حتى
يخرجوا منها فأن يخرجوا منها فإنا داخلون" وهم في منطوق الطرف الآخر العماليق
الذين حاربهم أتباع موسى قبل الاف السنين ويحارب أحفادهم بنيامين نتنياهو وبن غفير
وسموتريش اليوم ، فلعبة الأديان والتاريخ لسنا الوكلاء الحصريين لها فوكلاءها على
الطرف الآخر غارقين فيها حتى أنوفهم فقضيتنا قضية صراع وطني ضد مشروع إستيطاني
إستعماري توسعي إحلالي لا علاقة للأديان به من قريب أو بعيد ومن المحظور تطويع
الدين لهذه الغاية فهو أصل البلاء والكوارث حينما أمسك هذا الفكر بناصية قضيتنا
وسيطر على المجتمع البشري الناشيء بجانبنا فحوادث التاريخ قبل الاف السنين
وإستخدامها في القرن الحادي والعشرين ينطوي على مغالطات تاريخيه كبرى فلم يبقى من
أتباع موسى أي أثر فالهجرات والحروب وإعتناق الأديان وفق تقلبات الحوادث التاريخيه
والحروب وتقلباتها لالاف السنين خلقت مجتمعات جديده قابلة للتغير والتشكل من جديد
فهناك عائلات فلسطينية مسلمه تقيم إقامة دائمة في هذه البلاد اليوم أقرب لنسل بني إسرائيل
من مؤسسي الحركة الصهيونية ودولة اسرائيل القادمين من صقيع أوروبا الشرقية وتم
إقتلاعهم من أرضهم وأرض أجدادهم على خلفية الدين وهو ما يعمينا اليوم عن رؤية
الحقائق على الأرض كما هي فلا الدماء النازفة باتت لها قيمة ولا معاناة الناس لها
معنى ولا الأرض التي تسرق ذات مغزى أيضاً .
سيكتشف الجميع وبعد كل هذه الدماء والدمار والدموع بإن المنحى الذي ذهب اليه ياسر عرفات وإسحق
رابين قبل ثلاثون عاماً هو الخيار الأوحد والوحيد القابل للحياة فهما من إختبروا
الحروب واكتويا بنيرانها ووصلا الى قناعات راسخه بإن الإستثمار في صناعة السلام
والتعايش هو البديل المنطقي والواقعي لحرب الأساطير .
تعليقات
إرسال تعليق