القائمة الرئيسية

الصفحات

 


صنائع مسمّنه على موائد اللئام

أصدرت وزارة الخارجيه القطرية مساء أمس التاسع من نوفمبر 2024 بياناً بعد أكثر من 24 ساعه للرد على ما تناقلته وسائل إعلام غربيه وأمريكيه وإسرائيليه من معلومات مفادها "بإن دولة قطر أبلغت المعنيين بمفاوضات الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار في غزه بإنها إنسحبت من هذه المفاوضات وأنها أبلغت حركة حماس عن نيتها إغلاق مكتبها في دولة قطر " .

الكلمه المفتاحيه في هذا البيان هو وصف هذه المعلومات بغير الدقيقه ولم يصفها بغير الصحيحه فلماذا أختار الناطق الإعلامي بأسم وزارة الخارجيه هذه الصياغه ؟وهل يمكننا إعادة صياغة ما تناقلته وسائل الإعلام الغربيه والأمريكيه ليصبح صحيحا تماما حسب وجهة نظر وزارة الخارجيه القطريه من قبيل مثلا "أن دولة قطر أبلغت المعنيين بمفاوضات الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار في غزه بإنها علقت مشاركتها في هذه المفاوضات وأنها أبلغت حركة حماس بإن تكون مستعده لإغلاق مكتب تمثيلها في دولة قطر بعد فشل مفاوضات صفقة التبادل الجزئيه الذي إقترحها المصريين بدعم أمريكي قبيل الإنتخابات الأمريكيه بأيام "

أن حال بيان وزارة الخارجيه القطري يعكس المأزق الكبير الذي وصلت اليه دولة قطر والذي يفسره بجلاء تريثها لمدة عشرة أيام على نشر اية معلومات حول هذا الإجراء للرأي العام مسبقا قبل تسريب هذا الإجراء من قبل الأمريكان والإسرائيليين لوسائل الإعلام ليضعوها في مثل هذا المأزق لتتريث 24 ساعه أخرى قبل الرد على هذه التسريبات وهنا لا بد من الإشارة الى عدة عوامل بات العديد من المحللين السياسيين والإستراتيجين يؤسسون عليها لإعتقادهم بقرب إنحسار بل تلاشي الدور القطري من مجمل عملية السلام في الشرق الأوسط نوجزها بما هو آت :ـ

1ـ أن من أولى الذين فاجأتهم أحداث السابع من أكتوبر هي دولة قطر حيث أبرزتها وسائل الإعلام الغربيه كمن كانت تجري المياه من حوله وهو لا يدري بشيء مما يحدث في عقر بيته مستندين في ذلك الى أن أبرز أعضاء المكتب السياسي لحماس وعلى رأسهم  رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنيه متواجدين ضيوفاً لديها حيث لم يكن من المقنع  ما أوصلته القيادة القطرية لحليفها الأمريكي ومن خلاله للجانب الإسرائيلي المصاب بالأحداث بإن ما حدث صبيحة السابع من أكتوبر هو من فعل غزة وقيادتها وعلى رأسهم يحيى السنوار ذو الهوى الأيراني وأن لا علاقة للمتواجدين في قطر بما حدث الا أن ما تلى ذلك من مشاهد إبتداءا بإحتفالية سجدة الشكر التي أقامها إسماعيل هنيه محتفيا بنجاح هجوم السابع من أكتوبر والتصريحات العديده لأعضاء المكتب السياسي للركوب على موجة نجاح هجوم السابع من أكتوبر في الأيام الأولى له  والإحتفاليه المفتوحه التي أقامتها الجزيره وإستضافتها لرموز الحركة وإذاعتها لبياناتها ومشاهد غلاف غزة جعلت من هذه السردية لا تساوي شيئا وهو ما تم ترجمته في لغة السياسه الدوليه الى فشل قطري ذريع لسياسة الإحتواء التي منحت لها حصريا من قبل الولايات المتحده وبمباركة وتشجيع بنيامين نتياهو شخصيا وغض الطرف عنها من قبل كافة حكومات إسرائيل المتعاقبه .

2ـ بات معلوما للقطريين ولحماس بإن مكتب التمثيل في الدوحه لن يبقى يوما واحدا إضافيا بعد إنتهاء أزمة الرهائن الإسرائيليين فساعة رمل بقاءهم هناك مرتبط بموضوع الرهائن ، وأن المساعي القطرية نحو ربط إستدامة وجوده بما يخدم اليوم التالي للحرب بات محاولة ليس لها أي رصيد على الأرض فهناج إجماع أسرائيلي أمريكي وغربي عموما وحتى رسميا عربيا وبغالبيته المؤثره بإن هذه الحركة والتي أشعلت فتيل كل هذا الدمار والخراب لن يكون مقبولا وجودها في المنطقه العربيه مجددا وأن بقاءها يعني مزيدا من النفوذ الإيراني في المنطقه العربيه والذي باتت نتائجه الكارثيه حاضره في ذهن الأغلب والأعم من الجمهور العربي .

3ـ إن القطريين في مرمى دائرة الإتهام الإسرائيلي المباشر بعدم ممارسة ما يكفي من ضغوطات على حماس للمضي قدما بصفقة الرهائن بعيدا عن توقف الحرب وإن الأمريكيين ليسوا بعيدين عن ذلك ولكن مع توقف الحرب ولكن بشروط محسنه لصالح الإسرائيليين أيضا لإدراكهم بقوة النفوذ القطري على حماس بضغط المكان والتواجد وأن القطريين لم يستخدموا هذه الورقه لممارسة المزيد من الضغوط وهم يتخذون من التسريبات الوسيله المثلى لما يدور في أروقة اللقاءات الفعليه وما يطلبه الأمريكيين صراحة والذي ترد عليه قطر عند إزدياده بالتلويح بتعليق مشاركتها بهذه المفاوضات وهي تعلم يقينا بإنها بين خيارين أحلاهما مر فهي ليست صاحبة قرار بعد السابع من أكتوبر حصرا بوقفه أو المضي قدما به .

4ـ إن القطريين يعلمون علم اليقين بإن موضوع الرهائن كان في يد شخص واحد في غزة هو يحيى السنوار قبل وفاته حسب ما أعلن عنها الإسرائيليين وقد إنتقل الملف برمته لخليفته الفعلي على الأرض وهو شقيقه محمد وأن كافة أعضاء المكتب السياسي في الخارج يرددون ما رسمه يحيى السنوار من محددات سابقا وما لن يخرج عنه شقيقه محمد حاليا وحتى لو أرادوا عكس ذلك ـ لكنه وبلغة المنطق والعقل فمن هو الشخص في حماس في غزة كان أو على الأراضي القطريه أو غيرها والذي سيفرط بهذه الورقه وطوق النجاة الوحيد له بعد كل هذا الدمار والقتل في غزة وإعادة إحتلالها بالكامل ليتجاوب مع أية ضغوطات حتى لو كان ثمنها المؤلم خروجها من الساحة القطرية فالاولوية ستكون حتما لوجودهم في غزة ومعادلة الصراع برمتها .  

5ـ أن قرار فتح مكتب تمثيل لحماس في قطر وحجم الإستثمارات والدعم القطري لصالح حركة حماس بشكل مباشر وغير مباشر في قطاع غزة بات موضع مراجعه أمريكيه إسرائيليه قطريه وحتى عربية لناحية صواب الفكرة نظريا من أساسها على إعتبار أن سياسة الإحتواء والدعم لوحدهما بدون أية مناخات سياسيه لم يكونا كافيان ليقنعا أحدا في غزة ومن بينهم جمهور حركة حماس بتحسن أحوال قطاع غزة أو إيجاد حلول لمشكلاته الكبيره والمستعصيه مقارنة بالفترة الماضية من حكم السلطه الوطنية الفلسطينيه مما أسهم بشكل مباشر في أحداث السابع من أكتوبر وذلك كالهارب من الرمضاء الى النار .

6ـ لقد خابت المراهنات القطرية على إستقرار النظام السياسي في الولايات المتحده الأمريكيه وبقاء الدمقراطين لفترة ولاية جديده وأربعة سنوات أخرى في الحكم مما يتيح لها  إدارة الأزمة وفق أدوات سياسيه باتت واضحة المعالم ويمكن أن يتم تقبلها ولو على مضض بضغط الحاجه الأمريكيه للتهدئه في منطقة الشرق الأوسط وتفهم لقدرات دولة قطر المحدودة في الفعل على التغيير ولكنها بكل تأكيد لن تلقى ذات القبول والتساوق من أدارة دونالد ترامب ساكن البيت الأبيض الجديد والذي سيقرر سياساته للتعامل مع القطريين ودورهم في المنطقه بوحي تصورات  بنيامين نتياهو بكل تأكيد وهو ما يحسب له القطريين الف حساب .

خلاصة القول إن الخسارة القطريه كانت كبيره جدا بعد كل هذا الدعم المالي السخي والدعم السياسي اللامحدود وتوظيف الذراع الإعلامي الاهم في الشرق الأوسط من قبل القيادة القطرية لصالح حركة حماس والذي نقلها من فصيل محلي فلسطيني الى قوة إقليميه سياسيه رسمت لها الأدوار لتكون البديل ل م.ت.ف بكل نفوذها السياسي والذي إختطفها حائك السجاد الإيراني بمهارة وبراعه ليوظفها كأحد الأذرع العسكريه الضاربه لمصالحه ونفوذه ويراهن عليها بإستثمار مالي سخي جدا ...ولكنها مع أول إختبار فعلي على الأرض لم تتمكن من تلبية تطلعات لا هذا ولا ذاك عندما أحتدم صراع الكبار على النفوذ والمصالح وذلك لسبب جوهري مفاده بإنه عندما تكون صنيعه تم تسمينها لتلبية تطلعات الآخرين فأعلم بإن الصنائع المسمنه سينتهي بها الأمر بإن تقدم كوجبة على موائد اللئام لعلها تقي من خطر داهم أو تجدد أوراق إعتماد لدى قادم .    

تعليقات