القائمة الرئيسية

الصفحات



اليوم التالي لحروب إسرائيل

قبل أن تضع الحرب أوزارها في غزة ولبنان فقد أوعز بنيامين نتياهو لأدواته في حكومة أقصى اليمين بدق طبول الحرب في إحدى جبهاتها السبع ـ وهي حرب من نوع آخر أنها حرب ضم الضفه الغربية للسيادة الإسرائيلية (الجائزة الكبرى للمشروع التوسعي الإسرائيلي في أعقاب النتائج الكارثية لما أطلق عليه طوفان الأقصى) .

على إيقاع القمة العربيه الإسلامية المنعقده في الرياض يوم أمس الإثنين الموافق 11-11-2024 وهي تجمل بيانها الصادر عن خمسون دولة عربية وإسلامية وفق رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي يعيد التذكير بإن اليوم التالي لحروب إسرائيل يجب أن يكون إقامة الدولة الفلسطينيه على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس لوضع حد لدوامة العنف والموت في الشرق الأوسط ،خرج وزير مالية إسرائيل رسميا ووزير الإستيطان في حكومتها فعليا بتسلئيل سموترتش على العالم ليقول ما لم يتمكن حتى الآن بنيامين نتياهو من الإفصاح عنه صراحة حتى الآن "بإن العام 2025 سيكون عام ضم الضفه الغربية الى السياده الإسرائيلية" .

لاقت هذه التصريحات التنديد المعهود من الكثير من قادة العالم وعلى رأسهم جوزيف بوريل ممثل السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي بإعتبار هذه التصريحات تمس بقرارات الشرعية الدولية والتي لا نعرف أن كان جوزيف بوريل يعرف أن كان سموترتش وزير إستيطان حكومة الإحتلال يعرف شيئا عن هذه الشرعية الدولية أو قرأ أي من نصوصها والتي يتحدث عنها العالم المتحضر بأسره.

في حمى الإبتهاج الإسرائيلي بعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض مجددا وبتصريحاته العلنيه إبان حملته الإنتخابيه "بإن إسرائيل دولة صغيره ويفكر بطريقه لتوسعتها " والتي إختلف المحللون حول الطريقه التي قصدها دونالد ترامب بهذه التوسعه هل هي على حساب صحراء سيناء أم غور الأردن أو جنوب لبنان أم المزيد من الأراضي السوريه بعد أن منحهم الجولان في ولايته الأولى أم هي جميعها دفعة واحده أو أن المقصود هو تفريغ الضفه الغربيه وقطاع غزة من سكانها الأصليين وإسكان الإسرائيليين في تلك المناطق وبهذا تصبح فلسطين التاريخيه بمساحتها البالغة سبع وعشرون الف كيلو متر مربع هي مساحة اسرائيل الحالية .

بالقطع لم تكن تصريحات وزير الإستيطان في حكومة الإحتلال قد جاءت بمحض الصدفه أو تعبير شخصي عن موقف حزبي لسموتريتش وبلا نقاشات قد جرت داخل أروقة  الحكومة الإسرائيلية وإنما هي وليدة نقاش محتدم وعاجل داخل الحكومة الإسرائيلية حول كيفية الإستفادة القصوى من وجود دونالد ترامب لولاية ثانية وأخيره في البيت الأبيض وحكومة إسرائيليه تبقى لها عامان من الحكم في إسرائيل ومجلس شيوخ ونواب أمريكي داعم بغالبيتة لإسرائيل قبل أنتخابات التجديد النصفي له بعد سنتين وهنا فلن يكون من المسموح إضاعة هذه الفرصه التاريخيه السانحه والتي قد لا تتكرر مرة أخرى في المدى المنظور .

أوفد بنيامين نتياهو رون ديرمر وزير الشؤون الإستراتيجيه في الحكومة الأسرائيلية وأقرب المقربين له في زيارة للولايات المتحده للقاء إدارة مغادرة وإدارة قادمة بعد شهرين من الآن تقريبا ومما لا شك فيه بإن طبيعة النقاشات التي سيجريها مع الإدارتين ستكون مختلفه بطبيعتها فبالنسبة للمغادرين للبيت الأبيض فستنصب حول سبل إنهاء الحرب في جنوب لبنان وصيغة الإتفاق الممكن مع الدولة اللبنانيه بما يضمن تحقيق أقصى المطالبات الإسرائيليه من شروط يمكن فرضها على حزب الله ومن خلفه الدولة اللبنانيه وكذا الحال فسيتم مناقشة العمليات المستمره في شمال غزة وحاجة إسرائيل الدائمه الى مزيد من الوقت للقضاء على التهديد المتجدد في تلك المنطقه والإجراءات الإسرائيليه المتخذه للتخفيف من الضائقه المعيشيه التي يعيشها سكان تلك المنطقه والتي تجري عمليات ترحيلهم فعليا من تلك المناطق تمهيدا لمخططات موجوده في دماغ بنيامين نتياهو حصريا ، أما الإدارة الجديده فسيكون محملا لها بكل ما يخطط له بنيامين نتياهو مما هو معلن وبما تخفيه الأدراج وحتى ما هو في النوايا أيضا والتي مهد لها بنيامين نتياهو بثلاثة إتصالات معلنه من قبل بنيامين نتياهو بدونالد ترامب .

تستنسخ السياسات الدوليه بعض الحوادث المتشابهة أحيانا ، ففي أعقاب هزيمة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب في نهاية ولاية باراك أوباما عام 2016 وما فعله بنيامين نتياهو في مواجهته للإتفاق النووي مع أيران وخطابه الشهير في الكونغرس للتحريض العلني على الدمقراطيين وإدارة أوباما بشكل خاص وتجنيده للدعم لصالح دعم حملة دونالد ترامب في حينه وقد وجه باراك أوباما في حينه أحد الصفعات التي لا زالت في ذاكرة بنيامين نتياهو حتى الآن حينما سمح بتمرير قرار في مجلس الأمن الدولي بتعريف الإستيطان في الأراضي المحتله عام 1967 بعد الشرعي والقانوني وبات أحد الوثائق السياسيه والقانونيه في أروقة الأمم المتحده التي تصور الإستيطان في الأراضي المحتله بغير القانوني والذي يلزم كافة الدول بتعريفه على ذات النحو ، فهو عمليا لن يغير الوقائع على الأرض ولن يمنع بنيامين نتياهو من تنفيذ مخططاته كما لم يمنع دونالد ترامب من الإعتراف بالسياده الإسرائيليه على الجولان ولا الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وهما المعرفان أصلا بالقانون الدولي كمنطقتان محتلتان  لا يجوز أن يجري بهما أية تغييرات على الأرض .

هل باتت إدارة بايدن متحرره من كافة الضغوط الداخلية للقيام بإجراء مماثل ؟؟ وهل إدارة بايدن وبما تبقى لها من وقت قادره على رد الصفعات التي وجهها بنيامين نتياهو لها طيلة عام ويزيد من الحرب وخداعها ؟؟ هل إدارة بايدن ستمرر لبنيامين نتياهو كل ما فعله بالأسهام الفعلي بإسقاط مرشحتهم للرئاسه كاميلا هاريس ؟؟ وللإجابة على هذا السؤال فهناك عاملان حاكمان سيسهمان في الإجابة على هذا السؤال 

1ـ إن بايدن ليس باراك أوباما بكل تأكيد رغم كونه كان نائبا لباراك أوباما إبان فترة حكمه ولا بد وأنه كان مشاركا في إتخاذ مثل هذا القرار بكل تأكيد الا أنه ووفق قراءة كافة المحللين فإن بايدن والذي يعرف نفسه بالصهيوني فهو ضعيف للغاية أمام إسرائيل ومتطلباتها الأمنيه وإن كان يعرف تماما بإنها مبالغ بها وفي غالبيتها تأتي لخدمة مصالح سياسيه أسرائيليه تخص بنيامين نتياهو شخصيا .

2ـ أن المناخ السياسي السائد في الحقبة التي تم هزيمة هيلاري كلينتون تختلف جملة وتفصيلا عن المناخ السائد حاليا فإسرائيل في أوج حرب أتت في أعقاب أحداث دامية إنفجرت في السابع من أكتوبر منذ عام قد مضى تركت ندوبا لن تمحى حول هشاشة هذه الدولة وقدرتها على البقاء وأنه سيكون من الصعوبة بمكان تقديم خطوة لصالح مشروع الدولتين التي تؤمن به على وقع أحداث كالتي جرت في غلاف غزة والذي من الممكن أن تفهم على أنها منحه لمن أقدم على هذه الأحداث .

يبقى الأهم من كل ما سبق هو قوة الموقف العربي والإسلامي فهل المملكه العربيه السعوديه والتي تقود إئتلاف دولي لصالح حل الدولتين قادرة على إقناع إدارة بايدن بصنع شيء مختلف بعد أن أضاعت أربعة سنوات من فرصة إحداث تغيير في المنطقة وأن تسجل في تاريخها بإنها أنهت حكمها ولوبغضها الطرف لتمرير قرار أممي يرفع من شأن التمثيل الفلسطيني من عضو مراقب الى عضو كامل العضوية في الأمم المتحده وبما يؤسس لحل الدولتين ويقطع الطريق على مشروع ضم الضفه الغربيه الى السيادة الإسرائيليه .

 إن المخاوف الإسرائيليه جديّه بهذا الخصوص وقد يكون الثمن الذي سيدفعه بنيامين نتياهو لقاء دعمه لترامب وقد يكون أيضا زيارة ديرمر ورئيس دولة إسرائيل قد أتيا على وقع هذه المخاوف الجدية في إسرائيل والتي ألمح اليها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بالقول بإن إقامة دولة فلسطينيه  هو أمر غير واقعي.    

تعليقات