صفقة تبادل بنكهة الموت
تتواتر المعلومات التي تنقلها
وسائل الإعلام عن جهود مكثفه تبذل في الساعات الأخيرة لإنجاز صفقه تبادل تمهيدا
لوقف إطلاق النار في غزة بملامحها لناحية الشكل للصفقه التي إقترحتها إدارة جو بايدن
بالتدرج خلال 60 يوما يتخللها وقف إطلاق النار وتبادل مئات الأسرى الفلسطينيين
بمئة رهينة إسرائيلي لا زالوا في قطاع غزة بين حي وميت منذ السابع من أكتوبر وما
تلاها من عمليات عسكرية .
على غير المعتاد في مرات سابقه ،
تشيع حكومة بنيامين نتياهو الآمال بتنفيذها على إعتبار أنها في جوهرها هي مقترحات إسرائيليه
معدله لجوهر الصفقه الأساس التي وافقت عليها حركة حماس ولكنها ضمنتها فعليا ثلاثة
لاءات وضعها بنيامين نتياهو كشروط لتنفيذها لا لوقف لحرب ولا
مانع من وقف لإطلاق النار ، لا للإنسحاب من قطاع غزة ولا مانع من إعادة
إنتشار لجيشه ، لا لصورة إنتصار لحركة حماس ولا مانع من الإفراج عن مئات
الأسرى الغير مصنفين بالخطورة وإن لزم الأمر الإفراج عن عدد محدود من هذه الفئة
ولكن الى خارج البلاد ، هناك عوامل عديده ستدعم تنفيذ مثل هذه الصفقة كانت غائبة
في المراحل السابقة سنوجزها بما هو آت :ـ
الحكومة
الإسرائيليه :ـ
·
يعتقد بنيامين نتياهو أنه أضعف حركة حماس الى الدرجة
التي لا يمكنها أن ترفض ما أدخله من تعديلات ويستند في ذلك الى مقتل يحيى السنوار
وما أحدثه من خسائر فادحة تكبدتها حركة حماس من عناصرها في مناطق شمال غزة كآخر القواعد
الإرتكازية المتينه لها (بيت لاهيا
ومشروعها ، جباليا ومخيم جباليا ) والتي أحالتها آلة الحرب الإسرائيليه الى مناطق
دمار واسع النطاق .
·
يعتقد بنيامين نتياهو أنه بعد توقف إطلاق النار على جبهة
لبنان فإن التقديرات لدى حماس بإن الجيش الإسرائيلي سيسحب جزءا كبيرا من عديد
قواته هناك للدفع بها على جبهة قطاع غزة لخوض معركة نهائيه حاسمه ولن يكون
بمقدورهم الصمود طويلا وسيستعيد جزءا كبيرا من أسراه ولو في عداد الموتى وبذلك
ستخسر حماس ورقة قوتها الوحيده للبقاء على قيد الحياة
·
هناك تقديرات داخليه للجيش الإسرائيلي وأجهزة أمنه بإن
جزء من الأسرى موجودين في منطقة شمال غزة والذي كان من أحد أهداف هذه الحمله
العسكرية الأخيرة هو تخليصهم بالقوة والتي فشلت فشلا ذريعا بذلك ، حيث بات على
تماس بهم وإن من يحتجزهم لن يستسلم وهو سيقاتل للطلقه الأخيره وسيتمكن الجيش من
إستعادتهم جثثا هامده فقط .
·
بات من السهل على بنيامين نتياهو في ضوء التعديلات التي
أجراها على الصفقه أن يحافظ على حكومة أقاصي اليمين في اسرائيل وتنفيذ صفقه دون
مخاطر تفكك إئتلافه الحاكم والذي هدد في مرات سابقه عدد منهم أمثال بن غفير
وسموتريش بإنسحابهم من الإئتلاف وبالتالي سقوط إئتلافه الحاكم ليقينه بإن أي شبكة
أمان تمنحه أياها أحزاب أخرى في المعارضه ما هي الا وصفه لنهايته السياسيه .
·
كما هو معروف فلم يكن لدى بنيامين نتياهو رغبة بتقديم
أية إنجازات لإدارة جو بايدن بهذا الملف وبما أن الإنتخابات قد أعادة دونالد ترامب
فمن باب أولى أن تقدم كإنجاز له حتى ولو لم يتسلم مقاليد السلطه رسميا بعد
الإنخراط الفعلي من خلال المستشار الذي قام دونالد ترامب بتعيينه لشؤون الرهائن
(آدم بوهلر) بعد الشريط المصور الذي بثته حركة حماس .
حركة حماس
:ـ
·
باتت الحاضنه الشعبيه لها في حالة تآكل بفعل الممارسات
الإسرائيليه والتي جعلت حياة الناس في جحيم لا يطاق وهي تقرأ ذلك بعناية شديده
وأنها مطلعة على ما تنقله الاف المناشدات والمطالبات بضرورة وقف الحرب عدا السباب
والشتائم والذي هو بالضرورة يلقي بظلاله على قراراتها .
·
تعلم حركة حماس بإنه مع مضي الوقت بدأ هذا الملف يتآكل
شيئا فشيئا فإسرائيل ماضية لأبعد مدى في تنفيذ مخططاتها على الأرض في إقامة بنى
تحتية في قطاع غزة تمهيدا لوجود عسكري ليس بقصير المدى على أقل تقدير وأن الضربات
العسكرية قد إستنزفتها تماما على الصعيد البشري والسيطرة على الأرض وباتت تخسر من
هؤلاء الرهائن كل يوم مع توقعاتها بإن تفقد البقية الباقية منهم مع إستمرار
العمليات العسكريه .
·
لم تعد حركة في رفاهية الوقت في ظل الضغوطات الدولية
الشديده القطرية المصرية التركية ودفعها لعدم المضي قدما في التمنع عن إبداء
المرونة اللازمة لتنفيذ الصفقه وتقديم بعض التنازلات لأن كافة الظروف تسير عكس
ماتتمناه تماما وأنه مع المضي الوقت ستفقد أي موطأ قدم أو حلفاء .
·
مما لا شك فيه فإن قدوم دونالد ترامب مجددا للبيت الأبيض
سيكون في غير صالحها تماما فهامش المناورة الذي إستخدمته في عهد إدارة جو بايدن
بدأ يضيق وسيأتي الوقت لتلاشيه تماما مما سيدفعها فاتورة لأي بقاء في الحياة
السياسيه الفلسطينيه تماما .
وبالنظر
الى ما تقدم من أسباب تدفع قدما بإتجاه تنفيذ صفقة تبادل بلغة موازين القوى على
الأرض تحتم على حماس تنفيذها ، فهل ستكون حماس راغبة ، هذا إن كانت قادرة بالفعل
على تنفيذها ، وللإجابة على مثل هذا السؤال لا بد من توضيح عددا من المعيقات التي
ستكون حائلا دون تنفيذها نوجزها بما هو آت :ـ
·
إن حماس تعلم يقينا بإن وقف إطلاق النار في عرف حكومة
بنيامين نتياهو فهو يعني فيما يعنيه أن الحرب لن تتوقف وأن ذلك يعني بإن بنيامين
نتياهو لن يتخلى بأي شكل من الأشكال عن الهدف الأساسي للحرب وهو القضاء على حماس
عسكريا ومدنيا أيضا ، إذن والحالة هذه فهل من طرف دولي يستطيع إعطاء ضمانات لحماس
بإنه بعد توقف إطلاق النار بإن لا يعود بنيامين نتياهو سيرته الأولى للعمليات
العسكرية وإيجاد المبرر لذلك ؟؟
·
إن الشكل الحالي للصفقه المقترحه بعد التعديلات التي
فرضها بنيامين نتياهو والتي رفضتها حماس قبل ستة شهور تقريبا وفي حال قبلتها اليوم
ستكون مطالبة بالإجابة على سؤال هل كان على أهل غزة دفع هذه الفاتورة الفائضه عن
الحاجة لمدة ستة شهور نتيجة قراءة خاطئة لحركة حماس ؟
·
إن ما يتم التداول به بالتوازي مع صفقة التبادل بتشكيل
لجنة إسناد مجتمعي بالتوافق بين حركتي فتح وحماس وتسليم معبر رفح للسلطة الوطنية
الفلسطينيه على أن يعملان بإشراف دولي وعلى رأسه الولايات المتحده الأمريكيه والذي
لم يتم التوقيع على مسودته في القاهره بعد مطالبات لحماس بتحميل السلطه الوطنيه
الفلسطينية فاتورة تكاليف 40 الف موظف قامت حركة حماس بتعيينهم بما فيهم جهازها
الأمني والعسكري عدا عن مطالبة السلطه الوطنية الفلسطينية بإصدار 400 جواز سفر
ديبلوماسي لكوادرها وهي تعلم مسبقا بإن السلطه الوطنية الفلسطينية لا تتمكن من صرف
رواتب موظيفها الأساسيين بشكل كامل ، وأن السلطه لن تجد أي طرف عربي ودولي يمكن أن
يتعهد بتغطية مثل هذه الفاتورة لأشخاص محسوبين على حركة حماس ، عدا عن إصدار
جوازات السفر الديبلوماسية لأبرز قيادات حماس وكأن جوازات السفر المطلوب إصدارها
ستكون بطاقة المرور لهم للعبور الى العالم ، حيث فهم ضمنا على أن حماس قامت بربط
ملف الرهائن بضمانات تقدمها السلطه الفلسطينية كثمن لرجوعها الى غزة بعد أن فشلت
حماس بالحصول عليها من رعاة إتفاق التبادل مما يشي بإن حسابات حماس ذاهبة للضغط
بإتجاه ضمانات لبقاءها في المشهد السياسي وإستمرار سيطرتها الأمنية على قطاع غزة
إن لم يكن من بوابة تضمينها للإتفاق مباشرة فبواسطة الضغط على الطرف الرسمي
الفلسطيني ليقوم بدوره بالبحث عن إيجاد مخارج لينقذ حماس من مأزقها الراهن .
خلاصة
القول :ـ
تعليقات
إرسال تعليق