القائمة الرئيسية

الصفحات

 


 فلما إستحكمت حلقاتها ....

إلمكان :ـ البيت الأبيض

 الزمان :ـ السابع والعشرون من آب الجاري 2025

 ابرز الحضور :ـ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، صهره جاريد كوشنير ، المستشار رفيع المستوى توني بلير ، المقيم الدائم في واشنطن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر

 عنوان الإجتماع المعلن :ـ اليوم التالي لحرب غزة

 طبيعة الإجتماع :ـ تشاوري محدود الإطلاع على المناقشات الجارية

عندما تنتقل المناقشات الإستراتيجية لمستقبل دولة من كابينيتها وأروقة القرار فيها الى بيت راعيها الأبيض ، فأعلم أنك أمام دولة فقدت القدرة على تحديد أولوياتها بمفردها ، وستكون مضطرة حكما بقبول أمر واقع أملته هشاشتها وعدم القدرة على حسم أي من خياراتها ، وسيصار الى تحديد أولوياتها على طاولة النقاش خارج حدودها ، التي لم تتمكن من تعريفها حتى الآن ، فبين رؤية مؤسسة عسكرية تحظى بإجماع وطني ورؤية لا تماثلها من قيادة سياسية لا تحظى بمثله ، تنتهي أغلب إجتماعاتها بصدام بات حديث المجتمع والصحافة ، لسرعة ما يتسرب من مجرياته وملاساناته الى الفضاء العام ، بل وبموافقة رئيس وزرائها يعقد بعضهم مؤتمرات صحفية ، تعكس رؤى تستبق نتائج الجبهات المفتوحة على مصراعيها ، ويسرب رئيس أركان جيوشها قراءة مختلفة لإدارة الحرب ، فينبري المجتمعون على عجل  في واشنطن بالجلوس لمناقشة مآلات ما وصلت اليه هذه الدولة من تعقيدات ، تلقي بظلالها ليس عليها فحسب ، بل على العالم بأسره ، وهم العارفين أكثر من غيرهم بإن التفوق العسكري لوحده ، لم يعد كافيا للخروج من عنق الزجاجة التي وضعت نفسها بها ، فبعد كل هذا القتل والدمار والإحتلال والتوسع ، فماذا بعد ؟ ففي الشرق الأوسط ومع هذا الإتساع من الكراهية لها في العالم بأسره ، فهي لا زالت عالقة أمام تحدي وجودي أساس ، وكأن الزلزال الذي وقع ، والهزات الإرتدادية المصاحبة له ، يمكن إختزالها بالبحث عن إجابات لليوم التالي لحرب غزة ، بل باتت عنوانا  لبقاء هذه الدولة وكيفية الحفاظ عليها ، والذي يحرصون عليها أكثر من قادتها ، وكيفة مواجهة دول العالم المتفلتة من القبضة الأمريكية لتسونامي أيلول والإعترافات المتزامنة بدولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية .

مناقشات إستراتيجية إفتراضية من وحي قراءة أفكار المجتمعين

·        إثنان مليون ونصف فلسطيني موجودين على أرض غزة ، وسط بيئة طاردة لكل مقومات الحياة الآدمية ، من المتوقع أن تتضاعف مفاعليها ، في أعقاب موسم الهجرة الى الجنوب على متن عربات جدعون 2 ، وسبل أخراج نصفهم على الأقل من أرضهم ، ووضع تصورات تلامس الواقع لإعادة الترميم والبناء .

·        البحث عن سبل لإدارة هذه الفوضى العارمة الناشئة في المكان بعد إنهيار حكم حماس ، ومن هي الدول أو الشخصيات التي لديها الإستعداد لإدارة الحالة الراهنة ، بلا شرعية وطنية وبغياب مؤسسات دولية معترف بها ، بنظام ترعاه الولايات المتحدة وبحماية الجيش الإسرائيلي .

·        الضفة الغربية وسبل تنفيذ مزاوجة الرؤيا الإسرائيلية والأمريكيه الرسمية في زمن صفقة القرن والتي تجاوزتها  طموحات أقاصي اليمين وحكم الأساطير لدى حكومة إسرائيل ، ومستقبل إدارة الحكم بها بعد إنهيار السلطة المعترف بها دوليا أكثر من الدولة التي باتت في موقع من يقرر مستقبلها .

·        الجبهات المفتوحة على مصراعيها على كافة الإحتمالات ، والتي لم يحسم أمرها بعد كل هذه الدماء والدمار ، والتي قبل أو رفض المجتمعين فهي ترتبط إرتباطا وثيقا بالصراع الأساس ، فلا حسم لسلاح حزب الله ، ولا حسم لملف نووي إيران ، ولا حسم لمستقبل سوريا والنظام القائم هناك ، ولا اليمن الذي باتت مفاعيله تزداد إتساعاً يوما إثر آخر

·        سبل مواجهة المفاعيل الدولية على صعيد الشعوب والحكومات وحتى التغيرات الملحوظة في الرأي العام الأمريكي لصالح الفلسطينيين وقضيتهم ، فلم يعد ممكنا إخفاءها ولم يعد ممكنا أيضا وقفها ، وسبل إتخاذ مزيد من الإجراءات لإحتواء تفاقمها مع تقدم العمليات العسكرية في غزة على الأرض ، واجراءات الحكومة الإسرائيلية التوسعية والإستيطانية في الضفة الغربية .

حقائق أستراتيجية لا يمكن تجاوزها :ـ

·        ثمانية ملايين فلسطيني يسكنون أرض آباءهم وأجدادهم ما بين البحر والنهر (ثلاثة ملايين ونصف في الضفة الغربية والقدس ، وإثنان مليون ونصف في غزة ، وإثنان مليون داخل الخط الأخضر) وهو ما يوازي ويزيد عدد السكان من اليهود ، وفرصهم للزيادة تفوق من يقابلهم ، ناهيك عن الملايين المنتشرين في دول الجوار بصفة لاجئين بإنتظار إيجاد تسوية لقضيتهم .

·        لقد إكتسبت منظمة التحرير الفلسطينية شرعية تمثيلها للفلسطينيين ، وتعززت بعد إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية ، وباتت تحظى بقبول وإجماع دولي كاسح لا يمكن التشكيك به ، بل بات إعترافها بإسرائيل هو مدخل الأخيرة لإجتياز عتبة العالم العربي والإسلامي أيضا ، وأن فرص إيقاف توالي هذه الإعترافات في حكم المستبعد أيضا .

·        لا يوجد دولة في العالم سوى الولايات المتحدة الأمريكية في عصر دونالد ترامب ، من هي على إستعداد للتواطئ في موضوع تهجير الفلسطينيين من أرضهم ، أو المشاركة في إدارة مستقبلهم بمنأى عن موافقة منظمة التحرير الفلسطينية ومساعدتها بهذ الشأن .

·        إن إسرائيل بتركيبتها السكانية والدينية غير قابلة بجميع الأحوال لضم ستة ملايين فلسطيني الى سكانها ، ولا هي قادرة أيضا الى تركهم الى جوارها في حالة من الفوضى ، ولا هي قادرة على إنتداب ممثلين عنها لحكمهم سوى بإعادة الإحتلال العسكري مجددا ، لا هي راغبة في تمويله ولا هي قادرة على أن تمويله  .

·        إن موجات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لقرن من الزمن كان بمثابة بؤرة الجذب لمجمل الصراعات في الشرق الأوسط وبلا منازع ، وأن الحلول المجتزأة والإتفاقيات الجانبية قد أثبتت عدم جدواها ، ولم تسهم بأي حال من الأحوال بخلق مناخات من التهدئة في الشرق الأوسط ، والنماذج التي يمكن سوقها بهذا الخصوص عديدة بل على العكس قد فاقمت الأمور ورفعت من حدته .

خلاصة القول :،

قد تتمكن من القتل ومن هدم المباني ومصادرة الأرض وبناء مستوطنات وتغيير خرائط الجغرافيا  وتهجير عشرات الالاف من السكان الأصليين ، وفقأ عين الحقيقة لحقبة من الزمن ، بل وهندسة تجويعهم وإفقارهم ، وإختلاق إشباه ممثلين لهم  ، وإستخدام إدارة ترعى كل هذا ، لمنع منحهم تأشيرات الدخول للأمم المتحدة  ، لكن ما  بات مستحيلا أن تتمكن من التحكم بإرادة شعب يتوق للحرية والإنعتاق من الإحتلال ، بإعتباره الرقم الصعب في معادلة السلام والحرب ، سبق وجرب كل شيء في معاداته ، ولم يجرب شيء واحد بإرادة صادقة للإقرار بحقوقه المشروعة ، وحتى ذلك الحين فمنطق الأشياء يقول ، فعلى إسرائيل أن تتغير ، وحتى تتغير فعلى راعي وجودها ومصالحها أن يتغير أيضا ، وحتى يتغير هؤلاء فعلى العالمين العربي والإسلامي والحر أن يتغيروا أبتداءا ، وذلك بمغادرة مربع الإرتهان للتبعية الأمريكية وتقلبات المزاج العام لحكامها .           

 

تعليقات