القائمة الرئيسية

الصفحات


عرب & مسلمو أمريكا  وإنتخابات 2024

لم يعد خافيا على كبار المحللين السياسيين والعسكريين ومراكز البحث المتخصصه تلك الأهمية الخاصة للإنتخابات الأمريكيه 2024 وخيارات المواطن الأمريكي التي يقررها وإنعكاسها على منطقة الشرق الأوسط المضطربه بشده منذ عام قد مضى وما واكبها من مشاهد صادمه للعالم بأسره ، حيث قرر فصيل مسلح يحكم قطاع غزة بلغة الأمر الواقع أن يذهب بقدميه الى ساحة صراع وفصل جديد من حرب الأساطير الممتده منذ قرن من الزمان محملا في هذه الجولة بسردية تاريخيه دينيه ودعم محور إصطلح على تسميته بمحور المقاومة وبمشاهد صادمة للعالم بأسره ، ليلاقي مثيله على الطرف الآخر في التطرف والغارق حتى أنفه في سرديات التاريخ والدين والرافض بشراسة لأية عملية سلام ذات مغزى ومحملا في هذا الفصل الجديد بدعم دولي غير مسبوق في الساعات والايام الأولى منه ليحيلها بنيامين نتنياهو وحكومة أساطيره  الى حرب دموية مفتوحه ظاهرها هو الدفاع عن النفس في مواجهة أذرع محور يرفع شعار القضاء عليه وباطنها حرب مفتوحه وعلى عدة جبهات وإنتصار مطلق لا يقبل التأويل تدفع فاتورته الماليه والعسكرية الولايات المتحده وإدارة دمقراطية ليست على هواه على أية حال وذلك لرسم حدود جديده لشرق أوسط جديد يحاكي أحلام كان  قد سطرها في كتابه مكان بين الأمم .

لا يساور أحدا الشك في الشرق الأوسط بما تعنيه إسرائيل للولايات المتحده بإعتبارها الحليف الأكثر موثوقيه للولايات المتحده وبإنها القاعدة الأهم لنفوذ ومصالح الولايات المتحده في هذه المنطقه وبلا منازع وهو ثابت من الثوابت الإستراتيجيه للولايات المتحده ولن يخرج أي من الحزبين الجمهوري والدمقراطي عنها بكل تأكيد ، الا أن المختلف مع عصر بنيامين نتياهو وحكوماته المتعاقبه عن سابقيه ، فقد كانت الولايات المتحده بغض النظر عن إدارتها جمهورية أو دمقراطيه كانت قادره على رسم الحدود لتطلعات حكومات أسرائيل وتجاوزها لمصالح الولايات المتحده الأبعد في السياسات الدوليه ، فلم يقدم أي من رؤساء حكومات إسرائيل على أخذ منحى مختلف عما قام به بنيامين نتنياهو وهو الناشئ في الولايات لمتحده وأكثر العارفين بخبايا السياسات الأمريكيه ومساحة الإختلاف بين الحزبين الجمهوري والدمقراطي والقدرة على اللعب في المساحة الرمادية ، حيث تجلى ذلك بوضوح في العقدين الأخيرين منذ تولى براك أوباما الحكم في الولايات المتحده وسياساته الليبراليه المعروفه ومقاومة بنيامين نتنتياهو للإتفاق النووي الإيراني علانية وإلقاءه خطاب في الكونغرس في تحدي واضح لإدارة أوباما وما أعقبه من تدخل في الإنتخابات الأمريكيه لصالح دونالد ترمب ضد خصمه هيلاري كلينتون حيث تمكن من فعل ما لم يقدم عليه أي رئيس لحكومات إسرائيل المتعاقبه ، فقد تمكن من تسيير دونالد ترمب القادم من خارج منظومة الدولة العميقه الفائز في الإنتخابات عام 2016 بدعم لوبيات داعمة لإسرائيل  بما يتوافق ومصالحه فقد أخرج الولايات المتحده من الإتفاق النووي مع إيران ونقل سفارة الولايات المتحده من تل أبيب الى القدس وإعترف بالجولان كأرض إسرائيليه  وأصدر ما أصطلح على تسميته بخطة القرن وهي النسخه طبق الأصل لخطة بنيامين نتنياهو للحل النهائي للفلسطينيين والإستدارة لفتح علاقات ثنائيه مع البلدان العربيه وبذلك يكون بنيامين نتنياهو قد تمكن من فعل كل ما يمكنه وفي ولاية واحده للرئيس الأكثر جدلا والتباسا في الولايات المتحده الأمريكية.

تأتي الإنتخابات الأمريكيه الأمريكيه 2024 في ظل هذا المناخ الصاخب في الشرق الاوسط وخياران واضحان للناخب الأمريكي فيما يتصل بقضايا  الشرق الأوسط ،خيار أول تمثله كاميلا هاريس والتي أخذت مسافه نحو اليسار حتى عن إدارة بايدن الضائقه أصلا ذرعا بسياسات بنيامين نتنياهو وملخصه "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس مع الحد من طموحات بنيامين نتنياهو وجموحه نحو السعي لتحقيق نصر مطلق في كافة الجبهات بمشاركة الولايات المتحده وذلك لعدم واقعيتها على إعتبار أن الولايات المتحده ليست في وارد خوض حروب في الشرق الوسط لصالح بنيامين نتياهو وهو المتهم من قبلها بالتسبب أصلا بسياساته بكل هذه التداعيات والإكتفاء بكل ما تم إنجازه عسكريا وإحتواء الموقف بتفاهمات سياسيه وعودة الولايات المتحده للإتفاق النووي الإيراني والبدء مجددا بمفاوضات تفضي لخيار حل الدولتين باعتباره حجر الزاوية في إستقرار الشرق الأوسط" ... وخيار آخر يمثله دونالد ترامب ملخصه "بإطلاق يد بنيامين نتياهو في الشرق الأوسط لتحقيق جموحه في تحقيق نصر مطلق بل وتوسيع حدود دولة إسرائيل والتي يرى أنها دولة صغيره بحاجة لمزيد من الأرض ووعود بدعم سخي يفوق ما حصلت عليه من إدارة بايدن ومشاركة عسكرية أمريكيه إن إقتضيت مصالح بنيامين نتياهو ذلك" .

خياران بكامل الوضوح ولا يقبلان التأويل نجح بنيامين نتياهو في رسم ملامحهما ورسم حدود الإختلاف بينهما وفق مقتضيات جموحه ومصالحه الشخصيه وقد بات تأكيد المؤكد وبما لا يقبل الشك بإنه يدفع باللوبيات الصهيونيه المواليه لإسرائيل بالإصطفاف خلف دعم دونالد ترامب في الإنتخابات القادمة وذلك لإستكمال ما كان قد أسس له في الولايه الأولى من حكم دونالد ترامب .

كان واضحا تماما بإن كل هذه المماطله التي قام بنيامين نتياهو في عدم تنفيذ صفقة أسرى في قطاع غزة تؤدي الى وقف الأعمال العسكرية ولو مؤقتا لا تتساوق مع رغبة وتوجهات إدارة بايدن في توفير مناخات هادئه في أشهر حاسمه للإنتخابات الأمريكيه هي إنعكاس لقراءة دقيقه لبنيامين نتنياهو لرغبة جمهور واسع في الشارع الأمريكي يود أن يرى آلة القتل الإسرائيلية قد توقفت في غزة مما سينعكس بالتأكيد على تقديم فرص إضافية للديمقراطيين على حساب الجمهوريين ومرشحهم دونالد ترامب وهو المرشح المثالي لرغبات بنيامين نتياهو وطموحاته السياسيه ، فقام بهذه الإستدارة نحو لبنان مخرجا كل ما بحوزته من قدرات سيبرانيه وتجسسيه وجوية لضرب حزب الله وبكل قوه محولا الجهد الرئيسي للحرب نحو الشمال تحت شعار عودة سكان الشمال الى منازلهم والذي كان سيتحقق دون ذلك وبتكلفه أقل مع توقف الة الموت في قطاع غزه ولكنه بذلك يكون قد أصاب عدة أهداف بخطوه واحدة فهو قد حافظ على تماسك حكومة أساطيره مما يعزز بقاءه في السلطه وعدم إعطاء حماس أية صورة نصر والتقاط للأنفاس وضرب حزب الله ضربات مميته وقاتله ولكنه وقبل كل ذلك يكون قد أضاف للدمقراطين ومرشحتهم للرئاسة أعباءا جمه وحرمهم من فرص إضافية لتعزيز فرصهم في الإنتخابات ويكون وبذلك كله قد أدخل المنطقه في مزيد من التعقيدات متطلعا الى حسم مطلق يعشعش فقط في خياله بإنتظار وصول خياره المثالي دونالد ترامب ليتسنى له تحقيق ذلك وإن لم يحدث ذلك فعلى كاميلا هاريس أن تتحضر لقضاء أربعة سنوات في إطفاء الحرائق التي أشعلها بنيامين نتياهو ومعالجة جبهات قام بفتحها ولم يتمكن من إغلاق الحساب معها .     

تتقارب فرص مرشحي الرئاسة وبخاصة في الولايات المتأرجحه ومن هنا باتت أهمية الصوت العربي والمسلم فيهما في ترجيح كفة مرشح على آخر فلم يعد خيار التصويت لترامب غامض المآلات ولم يعد خيار التصويت لخيار ثالث غامض المآلات أيضاً ولم يعد الإمتناع عن التصويت غير معروف مآلاته ففي كل هذه الحالات هو دعم لخيار دونالد ترامب بكل ما يمثله ومآلاته الكارثيه المحتمله على مستقبل منطقة الشرق الأوسط فهل سيكون للصوت العربي والمسلم أهمية خاصه يؤسس لحالة من التغيير في أمريكا .

إن منظومة الإحتيال السياسي في إسرائيل الذي يتربع على عرشها بلا منازع بنيامين نتياهو ومنذ ثلاثون عاماً من مقاومته بشده لعملية السلام وتدمير كافة الفرص في الوصول اليه والحبل السري الواصل بينها وبين منظومة الإحتيال السياسي في الولايات المتحده الذي تربع على عرشها دونالد ترامب لأربعة سنوات سابقه يسعى الى تعزيزها بأربعة أخرى هي من قدمت وستقدم على طبق من فضه كل السرديات اللازمة لقوى التطرف الراهنه والتي ستنشأ مستقبلا قبلة الحياة ، فويل لعالم يحكمه المعاتيه والمجانين والمحتالين والموهومين بالعظمه الزائفه وفردوسها السحري الكاذب والذي عبر عنه مارك مانسون في كتابه فن اللامبالاة  بحكمة  مفادها "أن العظمة ليست الا وهما ، إنها فردوسنا السحري الكاذب " .     

 


تعليقات